السياسات الاقتصادية والنقدية في الصين على شكل البندول .. نمو ضعيف وأزمة ديون
سياسات البندول: نمو ضعيف وأزمة ديون في الصين
تتبع الأسواق المالية والدوائر الاقتصادية العالمية باهتمام تطورات الاقتصاد الصيني المتباطئ. ففي الوقت الذي تحاول فيه بكين إقناع العالم بقوتها لدعم اقتصادها المتعثر، تظهر العديد من البيانات التي تشير إلى اتجاه مختلف.
سياسة البندول: بين التحفيز وتقليص المخاطر
على مدى السنوات الـ15 الماضية، وجدت السلطات الصينية نفسها في مواجهة تحدٍّ صعب: تحقيق هدفَيْن متناقضَيْن: زيادة قوة نمو الاقتصاد وتقليص مخاطر الاضطراب المالي. تعتمد جهود تعزيز النمو على الاقتراض، بينما يؤدي ارتفاع معدلات الدين إلى زيادة خطر اندلاع أزمة ديون.
للتعامل مع هذه المعضلة، اتخذت عملية صنع السياسات الاقتصادية والنقدية في الصين شكل البندول. في بعض الأحيان، يتم تعزيز الاقتصاد من خلال تمويل المزيد من الإنفاق الاستثماري، بينما يتم كبح جماح هذا التحفيز في أوقات أخرى إذا ما زاد قلق صناع السياسات بشأن معدلات الدين في البلاد.
تطورات حديثة: هل هناك تحول حقيقي؟
في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008، أولت بكين الأولوية لحماية الاقتصاد الصيني من خلال إجراءات تحفيز تمويلها بالاقتراض. ولكن في عام 2012، بدأت مخاطر ارتفاع الديون تسيطر على صناع القرار، مما أدى إلى تباطؤ الاقتصاد. شهدت الفترة ما بين 2015 و2018 جولات متعددة من التحفيز وسحبه.
العوامل المؤثرة على اتجاه البندول
- تزايد أعباء الديون: تثير أعباء الديون المتزايدة في الصين مخاوف بشأن الاستقرار المالي، حيث تضاعفت ديون القطاع الخاص في السنوات الـ 15 الماضية لتصل إلى 200% من إجمالي الناتج المحلي. هذا المعدل أعلى بكثير مما هو عليه في الولايات المتحدة أو منطقة اليورو.
- أيديولوجيا ودور الدولة: تلعب الأيديولوجيا دوراً متزايداً في السياسة الاقتصادية الصينية، مما يؤدي إلى منح الشركات المملوكة للدولة أولوية على حساب القطاع الخاص. لقد أصبحت هذه الأولوية واضحة بشكل خاص في عام 2021، من خلال حملة استهدفت منع “التوسع غير المقيد لرأس المال” التي تعبر عن قلق بكين من تناقض طرق تصرف الشركات الخاصة مع أهداف الحزب الحاكم.
- المخاطر الجيوسياسية: تؤثر المخاطر الجيوسياسية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية وتجميد الأصول الروسية، على السياسة الصينية. أدى ذلك إلى وضع روسيا تحت شبكة كثيفة من العقوبات، مما دفع بكين إلى إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية.
التوجه المستقبلي: الانفصال غير المتكافئ
تسعى الصين إلى تقليل اعتمادها على العالم من خلال استبدال المنتجات المحلية بالواردات الحيوية، وفي الوقت نفسه، تسعى لزيادة اعتماد العالم على الصين من خلال تقديم نفسها باعتبارها قوة تصنيعية كبرى. يهدف هذا “الانفصال غير المتكافئ” إلى تحويل رؤوس الأموال والموارد المالية إلى قطاعات جديدة من الاقتصاد، بما يساعد في بناء هذه القوة التصنيعية، خاصة في مجالي التكنولوجيا المتقدمة والطاقة الخضراء.
الاستنتاج:
من المرجح أن تستمر الصين في اتباع سياسات اقتصادية تتأرجح بين التحفيز والتقليص، مع التركيز على تحويل رؤوس الأموال إلى قطاعات جديدة، مثل التكنولوجيا والطاقة الخضراء. على الرغم من دعمها للقطاع العقاري، إلا أن هذا الدعم سيكون محدوداً. من المحتمل أن تستمر الصين في الاعتماد على نفسها بشكل متزايد، مما يعني أن العالم قد يرى المزيد من التوجه نحو التصنيع والصادرات بدلاً من الاستهلاك والواردات.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً