العراق...مركز الحراك الحضاري وممر سهل لكل العابرين

العراق: مهد الحضارات وممر التاريخ

محور حضاري وممر للعابرين

إن كتابة تاريخ العراق منذ بدايات الحضارات الأولى في حوض ما بين النهرين إلى يومنا هذا تبدو مهمة شبه مستحيلة. العراق، باعتباره دولة ضمن حدوده الحالية، قد يكون من وجهة نظر البعض نتاج اتفاق بريطاني - فرنسي في سياق تقاسم تركة الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى. ولقرون عديدة، كانت الأراضي التي تشكل العراق اليوم جزءاً من إمبراطوريات ودول أخرى. حكمها العثمانيون من إسطنبول لمدة أربعة قرون بداية من القرن السادس عشر الميلادي، وحكمها الأمويون من دمشق قبل ذلك. هذا يجعل كتابة تاريخ عراقي أمراً صعباً للغاية، ربما لكونه متداخل مع أحداث تقلبات العديد من الأمم الأخرى.

ثراء تاريخي و تنوع حضاري

تاريخ منطقة ما بين النهرين على مدى خمسة آلاف عام يتسم بالتنوع والثراء بشكل كبير. يُواجه من يحاول سرد هذا التاريخ التحدي في الحفاظ على موضوعية عرضه دون الوقوع في فخ عدم التجانس.

محور العالم القديم

إن ما يميز تاريخ العراق هو كونه محوراً أساسياً للحراك الحضاري. كانت أهم المدن في العالم القديم تقع في العراق: أور، أوروك (الوركاء)، بابل، نينوى، طيسفون، وبغداد. بنيت سلوقية، عاصمة الخلافة السلوقية على نهر دجلة شمال بابل. استمر العراق في عهد السلوقيين لفترة طويلة كجسر يربط بين الشرق والغرب.

إنجازات ومآثر

ففي هذه المنطقة نشأت أول مجتمعات بشرية حضارية متقدمة - السومريون خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد - ومنها جاءت الملكية، بناء المدن، القوانين المكتوبة، الكهنوت، الجيوش، الدبلوماسية، أصول المحاسبة، الشعر الملحمي، العجلة، القوارب الشراعية، قنوات الري، والأدب. كانت منطقة ما بين النهرين مسرحاً للمواجهات التاريخية الكبرى من أيّام السومريين والآشوريين والآكاديين إلى صدام الإسكندر المقدوني بالفرس، وحروب الرومان والبارثيين، و لاحقاً فضاءً للتقسيم الكبير في الإسلام بين الشيعة والسنة. كانت مركزاً لدولة الخلافة العباسية التي بقيت لما يقرب من خمسة قرون (750 – 1258) أهم إمبراطوريات العالم في زمانها.

طبيعة جغرافية وتاريخ متداخل

يتناسب تاريخ العراق مع طبيعته الجغرافية المسطحة والمفتوحة. كانت منطقة سهلة العبور للغزاة والتجار والمهاجرين، بوّابة لتلاقح كبير بين الثقافات واللغات والحضارات والأعراق والأديان.