الكشف المبكر والفحص الجيني يقيان من سرطان الثدي
الكشف المبكر والفحص الجيني: درع ضد سرطان الثدي
شهر أكتوبر هو شهر التوعية بسرطان الثدي عالمياً، حيث يتم تسليط الضوء على هذا المرض الخطير الذي يُصيب ملايين النساء في العالم. يُعد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء، لكنه يُمكن أن يصيب الرجال أيضاً، وإن كان ذلك نادراً.
في هذا المقال، سنتطرق إلى آخر الإحصائات العالمية والإقليمية حول سرطان الثدي، مع التركيز على منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، وسنناقش طرق الكشف المبكر، وأحدث التطورات في مجال العلاج والوقاية من هذا المرض.
الإحصائات العالمية والإقليمية
عالمياً: يُعد سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطانات شيوعاً في العالم، حيث تم تسجيل ما يقارب 2.3 مليون حالة جديدة في عام 2020، مع وفاة نحو 685 ألف شخص. يشكل سرطان الثدي ما يقرب من 12% من جميع أنواع السرطانات التي تصيب البشر، و25% من جميع أنواع السرطانات التي تصيب النساء.
إقليمياً: في دول مجلس التعاون الخليجي، يُعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء أيضاً. أظهرت إحصاءات من السجل الخليجي الموحد للسرطان أن سرطان الثدي يشكل نحو 29% من جميع حالات السرطان المسجلة بين النساء. تزداد نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات في بعض الدول الخليجية بفضل حملات التوعية والكشف المبكر.
محلياً: في المملكة العربية السعودية، يُعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء، حيث يمثل نحو 31% من حالات السرطان بين الإناث. يُقدّر عدد الحالات السنوية المكتشفة حديثاً بنحو 4 آلاف حالة، معظمها يُشخص في مراحل متقدمة. يبلغ معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات في السعودية نحو 80%، ويزداد هذا المعدل بفضل جهود التوعية وحملات الفحص المبكر التي تشرف عليها وزارة الصحة.
مراحل سرطان الثدي
يمر سرطان الثدي بعدة مراحل تختلف حسب حجم الورم ومدى انتشاره. يساعد تصنيف المرض إلى مراحل الأطباء على تحديد نوع العلاج الأفضل وتوقع النتائج. يُصنف سرطان الثدي إلى خمس مراحل رئيسية:
- المرحلة 0: سرطان القنوات الموضعي (DCIS). يكون السرطان موضعياً داخل قنوات الثدي ولم ينتشر إلى الأنسجة المحيطة. لا توجد أعراض ملحوظة في هذه المرحلة، ويتم اكتشافه من خلال الفحص الشعاعي (الماموغرام). تُعد هذه المرحلة ذات خطر منخفض، فهي غير غازية. مع ذلك، إذا تُركت دون علاج، يمكن أن تتطور إلى مراحل أكثر تقدماً.
- المرحلة 1: المرحلة المبكرة. يكون الورم صغيراً (أقل من 2 سم) ولم ينتشر إلى العقد الليمفاوية أو انتشر إلى عدد محدود منها. قد لا تكون هناك أعراض واضحة، لكن بعض النساء قد يلاحظ كتلة صغيرة في الثدي. مع التشخيص المبكر والعلاج المناسب، تكون نسبة الشفاء عالية جداً (تصل إلى 98%).
- المرحلة 2: المرحلة المتوسطة. يتراوح حجم الورم بين 2 و5 سم، وقد ينتشر إلى عدد قليل من العقد الليمفاوية القريبة. يمكن أن يظهر تورم أو كتلة في الثدي أو تحت الإبط، وأحياناً تغيير في حجم أو شكل الثدي. تكون نسبة الشفاء لا تزال مرتفعة، لكن تحتاج إلى علاج أكثر تكثيفاً مقارنةً بالمرحلة 1.
- المرحلة 3: المرحلة المتقدمة موضعياً. يكون الورم أكبر من 5 سم، أو يكون قد انتشر إلى كثير من العقد الليمفاوية، لكن لم يصل بعد إلى أعضاء بعيدة. تُعدّ هذه المرحلة خطيرة وتتطلب علاجاً مكثفاً (جراحياً، كيميائياً، إشعاعياً). تتراجع نسبة الشفاء مقارنةً بالمراحل المبكرة.
- المرحلة 4: السرطان المنتشر (النقائل). يكون السرطان قد انتشر إلى أعضاء أخرى في الجسم مثل الرئتين، والكبد، والعظام، أو الدماغ. تختلف الأعراض بناءً على الأعضاء المصابة. تُعدّ هذه المرحلة الأكثر خطورة ويكون الهدف من العلاج هو إبطاء تقدم المرض وتخفيف الأعراض بدلاً من الشفاء الكامل. يمكن أن يعيش بعض المرضى لفترات طويلة مع العلاجات المتاحة، لكن نسبة الشفاء ضئيلة جداً في هذه المرحلة.
التشخيص وأهمية الكشف المبكر
الكشف المبكر عن سرطان الثدي (في مراحله المبكرة 0 و1) هو الخطوة الأهم في محاربة هذا المرض، حيث تكون فرص الشفاء أكبر والعلاج أقل تعقيداً. يشير البحث إلى أن اكتشاف المرض في مراحله المبكرة يرفع من فرص الشفاء بشكل كبير. تتضمن طرق الكشف الشائعة:
- الفحص الذاتي للثدي: هو أبسط الطرق، ويمكن لكل امرأة القيام به في المنزل. يُنصح بالقيام بهذا الفحص بشكل دوري بعد انتهاء الدورة الشهرية.
- الفحص السريري: يتم بواسطة مختص صحي، ويُنصح بأن تخضع النساء فوق سن 30 عاماً لهذا الفحص سنوياً.
- التصوير الشعاعي للثدي (الماموغرام): يُعد الطريقة الأكثر فاعلية للكشف عن سرطان الثدي. توصي المنظمات الصحية بأن تبدأ النساء بإجراء «الماموغرام» ابتداءً من سن 40 عاماً، وتُكرر الفحوصات كل عام أو عامين.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): في بعض الحالات، كوجود تاريخ عائلي قوي بالإصابة بسرطان الثدي، يُنصح بإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي بالإضافة إلى «الماموغرام».
المستجدات في علاج سرطان الثدي
شهد علاج سرطان الثدي تطوراً كبيراً خلال العقود الماضية، حيث تتنوع الخيارات العلاجية بناءً على نوع ومرحلة السرطان (وتشمل الجراحة، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي، والعلاج الهرموني، والعلاج المناعي)، والتاريخ الصحي للمريض. تشمل طرق العلاج الحديثة ما يلي:
- العلاج الهرموني: يهدف هذا العلاج إلى منع تأثير الهرمونات على خلايا السرطان التي تعتمد عليها للنمو، مثل الإستروجين والبروجستيرون. تشمل هذه العلاجات أدوية مثل تاموكسيفين ومثبطات الأروماتاز.
- العلاج المناعي: يُعدّ من أحدث التطورات في علاج السرطان بشكل عام، ويعتمد على تعزيز الجهاز المناعي للجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية. تم تحقيق بعض النجاحات في استخدامه لعلاج سرطانات الثدي، خصوصاً الأنواع التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية.
- العلاج الجيني: يعتمد على تعديل الجينات المرتبطة بالسرطان أو التحكم في نشاطها. تم تطوير بعض العلاجات التي تستهدف طفرات جينية معينة مرتبطة بسرطان الثدي مثل «BRCA1» و«BRCA2»، وهو ما أتاح خيارات علاجية جديدة للنساء المصابات بهذه الطفرات.
- العلاج الموجه: يعتمد على استهداف جزيئات معينة في الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة. ومن الأمثلة على ذلك دواء «هيرسبتين» الذي يستهدف بروتين «HER2».
- العلاج الكيميائي والإشعاعي: رغم أن هذه العلاجات قديمة نسبياً، فإنها لا تزال تلعب دوراً رئيسياً في علاج سرطان الثدي، خصوصاً في المراحل المتقدمة.
الوقاية من سرطان الثدي
بينما لا يمكن تجنب بعض عوامل الخطر مثل التاريخ العائلي، يمكن تقليل خطر الإصابة بالمرض عبر اتباع نمط حياة صحي:
- التحكم في الوزن: الوزن الزائد بعد انقطاع الطمث يزيد من خطر الإصابة والحفاظ على وزن صحي يقلل منها.
- النشاط البدني: تشير الدراسات إلى أن النساء اللاتي يمارسن الرياضة بانتظام يقل لديهن خطر الإصابة بسرطان الثدي، ويُنصح بممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة يومياً على الأقل.
- عدم تناول الكحول: يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي وفقاً للمنظمات الصحية.
- الرضاعة الطبيعية: تشير الأبحاث إلى أنها قد تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي، خصوصاً إذا استمرت لفترة تزيد على عام.
- تجنب العلاج الهرموني طويل الأمد لانقطاع الطمث: يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي. لذا يُفضل استخدامه فقط لفترات قصيرة وتحت إشراف طبي.
- الفحص الجيني والاستشارة: خصوصاً لمن لديهن تاريخ عائلي قوي بسرطان الثدي أو المبيض.
من خلال التوعية بأهمية الكشف المبكر واتباع نمط حياة صحي، يمكننا المساهمة في خفض خطر الإصابة بسرطان الثدي، وتوفير فرص أفضل للشفاء والعيش حياة صحية وسعيدة.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً