المحامي والكاتب الفلسطيني رجا شحادة يسأل: ما الذي يخيف إسرائيل من فلسطين؟
ما الذي يخيف إسرائيل من فلسطين؟
في كتابه "ما الذي يخيف إسرائيل من فلسطين؟" الصادر عن منشورات "بروفايل بوكس" في لندن، يحاول الكاتب الفلسطيني رجا شحادة أن يشرح للقارئ غير العربي الأسباب الحقيقية للصراع الدائر في فلسطين، لا سيما في غزة. على الرغم من صغر حجم الكتاب (113 صفحة)، فإنه ينجح في سبر أغوار النزاع الذي لا يبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مع هجوم حماس على المعسكرات والمستوطنات الإسرائيلية جنوب غزة، بل يرجع إلى صدور وعد بلفور عام 1917، الذي وعد بإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين.
الخوف والنزاع
يقدم شحادة تحليلاً سياسياً، مدعوماً بذكريات شخصية، ليُظهر كيف أن رواية إسرائيلية، قائمة على الدعاية، قد طُبعت في الوعي الغربي. هذه الرواية تدّعي وجود "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
ويُؤكد الكتاب أن الخوف من وجود الفلسطينيين أنفسهم هو ما يُقلق إسرائيل بشكل شديد. يوضح شحادة هذا الخوف من خلال استعراض تصريحات مسؤولين إسرائيليين سابقين وحاليين، الذين يتحدثون عن هوسهم بالأمن والخوف التاريخي، وعدم قدرتهم على العيش دون حروب. فهم يعتقدون أن "الخوف من المحيط" - من الفلسطينيين والعرب في الدول المجاورة - هو ما يوحّد المجتمع الإسرائيلي، على الرغم من تنوع مكوناته.
الصراع كمصدر للتماسك
يرى شحادة أن العقلية الإسرائيلية تركز على إقامة دولة "إسبارطة" معاصرة، دائمة الحرب، لتثبيت تماسكها الداخلي. ويشير إلى مقتطفات من كتابات أوري أفنيري، الصحفي الإسرائيلي وعضو الكنيست السابق، الذي يتحدث عن انقسام المجتمع الإسرائيلي إلى "مجتمعين يهوديين" و "شعبين يهوديين". يُلاحظ أفنيري أن النزاع هو "الشيء" الوحيد الذي يربطهم ويجعلهم "مجتمعاً واحداً".
معضلة الوجود الفلسطيني
يُؤكد شحادة أن "وجود" الفلسطينيين هو ما يُقلق إسرائيل بشكل عميق. ولذلك، فقد سعت منذ عام 1948 إلى إعادة تشكيل الجغرافيا الفلسطينية، محو الأسماء الفلسطينية واستبدالها بأسماء عبرية، وإعادة كتابة التاريخ من جديد. تُظهر إسرائيل صعوبة في التعامل مع بقاء الفلسطينيين في أرضهم، و تسعى إلى التخلص منهم بطرق مختلفة، سواء من خلال التطهير العرقي عام 1948، أو من خلال بناء جدار الفصل العنصري أو إنشاء "بانتوستانات".
استراتيجية إسرائيل لكسر الإرادة الفلسطينية
يشير شحادة إلى محاولات إسرائيل المستمرة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني، من خلال استراتيجية "كيّ الوعي الفلسطيني". تُهدف هذه الاستراتيجية إلى ترهيب الفلسطينيين وإجبارهم على الاستسلام، من خلال إظهار القوة والتدمير. يُؤكد المؤلف أن جميع هذه المحاولات لم تنجح، وأن حكومة نتنياهو والجيش الإسرائيلي يواصلون تطبيق هذه الاستراتيجية اليوم في غزة والضفة الغربية.
الوجود الفلسطيني ومآلات الإبادة الجماعية
يُخلص شحادة إلى أن "الوجود الفلسطيني" هو ما يُقلق إسرائيل ويمنعها من الشعور بالأمان. ويُؤكد أن "الوجود الفلسطيني ذاته" هو ما يجعل إسرائيل تشن حروب إبادة جماعية، وتُنفذ سياسات إجرامية ضد الشعب الفلسطيني.
يُقدم كتاب شحادة تحليلاً عميقاً للصراع، ويسلط الضوء على المخاوف والأهداف الحقيقية للكيان الإسرائيلي، ويوضح بشكل واضح أن "الوجود الفلسطيني" هو ما يشكل تحدياً وجودياً لإسرائيل، وليس العكس.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً