أهم الظواهر الفلكية فى العالم القديم.. تقديس الأجرام السماوية وتمجيد الأبراج
تقديس الأجرام السماوية في العصور القديمة: عبادة الكواكب والأبراج
في العصور القديمة، قبل ظهور الأديان التوحيدية، اعتمدت العديد من الحضارات على عبادات مختلفة. كان من بين تلك العبادات عبادة الكواكب، التي انتشرت في حضارات متعددة. قائمة على تقديس الأجرام السماوية مثل الكواكب أو الأجرام الفلكية الأخرى، والتي كانت تُعتبر آلهة تُبجّل.
قبل ظهور الإسلام والأديان التوحيدية السماوية الثلاث، عبد العرب الأصنام والتماثيل المصنوعة من الأخشاب والأحجار والمعادن وغيرها. كانت هذه التماثيل تُصور بأشكال متعددة مثل أشجار وأبقار وبشر، وكانت تُعرف بأسماء ورموز مُخصصة للتضحيات والنذور في المعابد التي بُنيت خصيصًا لها.
أساطير الأبراج وتأويلات الظواهر الفلكية
كانت الأساطير حاضرة بقوة في علاقة الإنسان القديم بالسماء، وطريقة تفسيره للظواهر الفلكية. فقد اعتقد القدماء بقدسية الأجرام السماوية، ونسجوا قصصًا وحكايات تربطها بنشأة الأرض والكون ونهاية المكان والزمان. الأبراج السماوية الاثنا عشر لم تكن بمنأى عن تلك التأويلات الأسطورية، بل كانت تمثل جوهر عقائد الشعوب القديمة التي آمنت بها.
عبادة كوكب الزهرة: من “إينانا” إلى “عشتار”
في مدينة الوركاء السومرية، نشأت عبادة كوكب الزهرة، التي أطلق عليها السومريون اسم “إينانا”، بمعنى “سيدة السماء” (إن: سيدة، آن: السماء). مع دخول الساميين إلى الرافدين وتأسيس الدولة الأكادية، تحول اسمها من “إينانا” إلى “عشتار”. مع صعود الآشوريين وتأسيس الدولة الآشورية، لم تعد الزهرة تُعتبر فقط إلهة اللذة والحب الشهواني، بل أصبحت أيضًا إلهة الحرب، نظراً لطبيعة الشعب الآشوري العدوانية.
الأساطير الإغريقية وتفسير الأبراج
كانت السماء تحمل معانٍ عديدة بالنسبة لليونانيين القدامى. فقد ربطوا بداية الخلق وانبثاق الكون من العدم بتفسيراتهم الأسطورية. في الأساطير الإغريقية، تُنسب الأبراج الفلكية إلى 12 شكلًا أسطوريًا عظيماً، رافقوا آلهة الصيد والبرية “أرتميس” في رحلتها لحراسة العالم (كوكب الأرض). تربط الأساطير ظهورهم إلى الوجود بقصص مترابطة، تسرد أحداثًا متسلسلة جرت بين الآلهة الإغريقية المزعومة.
الخسوف: مخاوف الحضارات القديمة
كانت الحضارات القديمة تخاف من الخسوف، معتقدين أن هذه الظاهرة تحمل دلالات سلبية أو تكون نذير شؤم. كان هناك عدة أسباب لهذا الخوف، تختلف حسب الثقافة والمعتقدات السائدة في كل حضارة. لم تكن لدى الحضارات القديمة معرفة علمية تفسر الظواهر الفلكية، لذا كان الخسوف بالنسبة لهم غير متوقع ومخيف، وارتبط في أذهان البعض بحدوث كوارث طبيعية مثل الزلازل أو المجاعات أو الحروب. فالحضارات الصينية القديمة، على سبيل المثال، كانت تعتقد أن التنين السماوي يبتلع القمر أو الشمس أثناء الخسوف، وكان على الناس إحداث ضوضاء لإخافته واستعادة الضوء.
عبادة الشمس والقمر: رموز مقدسة في التاريخ
ارتبط البشر، منذ فجر التاريخ، بالشمس، فكانت الإله والمقدس الأول عبر الحضارات. كانت أول الأجرام السماوية التي لفتت أنظار البشر بتأثيرها في الإنسان، وفي الزرع والنماء. الشمس هي النجم الذي يضيء العالم، ويمنحه الخير والسكينة. حتى أصبح عدم سطوعها فأل شؤم، فقالوا في الأمثال الشعبية منذ القدم “يوم مطلعتلوش شمس” تعبيراً عن الأيام الحزينة والأجواء غير الجيدة.
منذ بداية البشرية، كانت الشمس مقدسة ومخلدة في التقديس، وارتبطت حضارات وشعوب بهذا النجم الكبير. فقد تألّهت الشمس عند التدمريين، وعبدها البابليون والكنعانيون، فضلاً عن الفراعنة والبابليين والصينيين. حسبما ذكر الدكتور سيد القمنى في كتابه “النبي إبراهيم والتاريخ المجهول”، فإن عبادة الشمس كانت تسود في المناطق النهرية والبلدان الزراعية، لما تقوم به الشمس من دورٍ أساسي في حياة النبات ونضوج المحصول. لذلك عبَدها السومريون باسم “أوتوا”، والبابليون باسم “شمس”، والمصريون باسم “رع”، و”آمون رع”، و”آتوم رع”، وفي كل الحالات كان هو رب الدولة والعرش.
ارتبط البشر أيضاً بالقمر منذ فجر التاريخ، فكان إلها ومقدسا عبر الحضارات. كان القمر أحد الأجرام السماوية التي لفتت أنظار البشر بتأثيرها في الإنسان. منذ بداية الخلق، كان رمزًا للجمال والحب. كل جميلة في نظر حبيبها هي “قمر”، وكل حسناء هي ابنة أو جارة لـ”القمر”. كل العشاق يسهرون على ضوء القمر ويتقربون منه، فهو “نور وجمال” خالد وحقيقي ينير سماء العالم، و”نصرا” حقيقيا للخير والجمال والحب.
ورغم ما يظنه البعض عن أفضلية تقديس الشمس في حضارات العالم القديم على القمر، إلا أن الباحثين يدافعون عن عبادة القمر، معتبرين أن عبادة هذا الجرم السماوي الذي يضيء سماء كوكبنا ويستلهم منه العشاق رمزًا لعشقهم، كانت أولى العبادات قبل حتى أن يعرف الإنسان عبادة الشمس. فقد ظهرت رموزه منقوشة على النصب الآشورية بصفته رمزًا مقدسًا، وإلهاً عظيماً.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً