خبراء يفندون اتهامات مسؤول جزائري للمغرب بتجفيف سدود "الجارة الشرقية"
اتهامات جزائرية للمغرب بتجفيف السدود: خبراء ينفون التهمة
مسؤول جزائري يتهم المغرب بتجفيف السدود الجزائرية
ألقى وزير الري الجزائري، طه دربال، اللوم على المغرب في أزمة نقص المياه التي تواجهها الجزائر، متهما المملكة بإجراءات أدت إلى “تدمير” المياه العابرة للحدود في غرب وجنوب الجزائر وتجفيف السدود. وذكر أن هذه الإجراءات أدت أيضًا إلى “تضرر عدد من الأنظمة البيئية التي تحتاج إلى دعم دولي لإنعاشها”.
خلال اجتماع الدول الأعضاء في اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية في ليوبليانا، صرح المسؤول الجزائري بأن “المناطق الغربية والجنوبية الغربية للجزائر تعاني من آثار ممارسات دولة الجوار، مما يعيق ويحطم مصادر المياه السطحية”.
وزاد وزير الري الجزائري أن “هذه الممارسات تسببت في كوارث طبيعية، بما في ذلك تلوث مياه سد حمام بوغرارة بولاية تلمسان، وتراجع إمدادات المياه من وادي غير إلى الجزائر بسبب السدود الموجودة على الجانب المغربي من الحدود، مما أدى إلى تجفيف سد جرف التربة لفترة طويلة”.
خبراء: الاتهامات الجزائرية “تصدير أزمة داخلية”
رفض خبراء وباحثون في مجال المياه هذه الاتهامات، واعتبروها “تصدير أزمة داخلية”. وبيّنوا أن السدود التي ينشئها المغرب لا تنتهك أحكام اتفاقية هلسنكي الدولية لحماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية. كما أشاروا إلى أن العديد من الأودية في المناطق الجنوبية الشرقية للمغرب، التي تتدفق مياهها إلى جنوب غرب الجزائر خلال الفيضانات، ليست جزءًا من المياه المشتركة التي تخضع لهذه الاتفاقية.
غياب اتفاقية ثنائية يزيد من التوتر حول المياه
أكد خبراء آخرون أن غياب اتفاقية ثنائية بين المغرب والجزائر لتدبير المياه العابرة للحدود، بسبب الخلافات السياسية، يترك المجال للطرف الآخر لتضخيم تأثير بناء المغرب للسدود بالقرب من وادي ملوية على سعة سد جرف التربة الجزائري.
مُبررات إضافية لتفنيد الاتهامات
سجل محمد بازة، خبير دولي في مجال الموارد المائية، أن “كميات قليلة من مياه السيول تعبر من الجنوب الشرقي للمغرب إلى جنوب غرب الجزائر، فقط عندما تكون حمولة الأودية في هذه المنطقة كبيرة”. وأضاف أن “واد درعة، الذي يعد من أطول الأودية في المملكة وإفريقيا عمومًا، بالكاد تصل مياهه خلال الفيضانات إلى منطقة امحاميد الغزلان، ناهيك عن الأودية الصغيرة الموجودة بأسامر”.
وشدد بازة على أن “تكرار اتهام وزير الري الجزائري للمغرب بتجفيف السدود الجزائرية هو بمثابة ابتزاز ومزايدات، بالنظر إلى أن المغرب، كما تثبت ذلك وثائق الأمم المتحدة، لا تتوفر لديه مياه مشتركة، سواء معها أو مع أي دولة أخرى”. وأضاف أن “المسؤول الجزائري مطالب بإثبات هذه الاتهامات بالحجج والوثائق أمام الجهات الدولية المختصة بدلًا من استغلال المحافل الدولية لتمرير مغالطات”.
التأكيد على عدم وجود تأثير على السدود الجزائرية
أكد خبير دولي في مجال الماء، رفض الكشف عن هويته لأسباب مهنية، أن “السدود التي أنشأها المغرب في الأحواض المائية الجنوبية الشرقية، هدفها ضمان مياه الشرب لسكان المنطقة وسقي مزارعهم، سواء في بوذنيب أو زاكورة أو ميسور أو فجيج”. وذكر أن “هذه السدود، من الناحية العلمية، لا تمس بالأمن المائي للجزائر”.
وأوضح الخبير أن “لو كانت هناك مخالفة للاتفاقية الدولية لحماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية في إنشاء المغرب للسدود في المناطق المذكورة، لما ترددت الجزائر في اللجوء إلى الهيئات المختصة في التحكيم الدولي في نزاعات المياه”.
ضرورة التعاون لحل أزمة المياه
من جهته، أكد المختار بزيوي، خبير دولي في مجال الماء، أن “القانون والاتفاقيات الدولية المؤطرين للمياه المشتركة تفرض على الدولة الواقعة في أعلى حوض مائي مشترك مع دولة أخرى ألا تتخذ إجراءات من شأنها منع تدفق مياهه نحو هذه الأخيرة”.
وأوضح بزيوي أن “عدم توقيع اتفاقية لتدبير الأحواض المائية المشتركة بين المغرب والجزائر، بسبب الخلافات السياسية بينهما، يترك للطرف الآخر فرصة لتضخيم تأثير السدود التي شيدت على وادي ملوية، وبالقرب من مناطق ميسور وفكيك تحديدًا، على سد جرف التربة بولاية بشار الجزائرية”.
وأشار بزيوي إلى أن “لا يمكن الجزم بأن السدود المغربية ساهمت في خفض منسوب المياه التي تصل السد الجزائري، وهو أمر طبيعي، ولكن لا يمكن تحميلها المسؤولية عن جفافه، كما يصور الطرف الآخر”. وذكر أن “القطع مع مثل هذه الاتهامات يتطلب من الدولتين توقيع اتفاقية لتدبير المياه المشتركة بينهما، مثلما تفعل الدول التي تملك أحواضا مائية مشتركة”.
الخلاصة: َالتهمات الجزائرية “غير مبررة”
تشير جميع المعطيات إلى أن اتهامات المسؤول الجزائري للمغرب بتجفيف السدود الجزائرية غير مبررة، وتنبع من تصدير أزمة داخلية. كما أن غياب اتفاقية ثنائية بين الدولتين لتدبير المياه المشتركة يزيد من التوتر حول هذه القضية. َتُظهر التوضيحات والتحليلات المُقدمة من خبراء المياه أن السدود المغربية لا تُلحق أي ضرر بالجانب الجزائري، وأن اتهامات الجزائر مُبالغ فيها، وُتُعد محاولة لتمرير أزمة داخلية على حساب العلاقات بين البلدين.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً