خلال الجلسة الخامسة من مقهى الصحافة المركز القطري للصحافة يستعرض تحديات فن الرسوم المتحركة نقص الدعم والمتخصصين وارتفاع تكلفة الإنتاج أهم التحديات
تحديات فن الرسوم المتحركة في قطر: نقص الدعم والمتخصصين وتكلفة الإنتاج المرتفعة
ناقشت الجلسة الخامسة من مقهى الصحافة، التي ينظمها المركز القطري للصحافة، واقع ومستقبل فن الرسوم المتحركة في قطر، وركزت على التحديات التي تواجه هذا الفن.
شارك في الجلسة، التي حملت عنوان "تحديات فن الرسوم المتحركة"، كل من الرسامين حسين حيدر ويوسف الحمادي، وأدارتها الإعلامية أمل عبد الملك. حضر الجلسة السيد صادق محمد العماري، المدير العام للمركز، إلى جانب عدد من رسامي الكاريكاتير والمهتمين بالرسم وفن الرسوم المتحركة وصناع المحتوى والجمهور.
دعم المواهب الوطنية
أكد السيد صادق العماري دعم المركز القطري للصحافة للمواهب الوطنية الشابة في مجال الرسوم المتحركة، مشيرًا إلى الحاجة إلى مزيد من الرعاية والدعم لتشجيعهم على مواصلة إبداعهم. وأشار إلى أن فن الرسوم المتحركة قد عاد ليفرض نفسه مجددًا في ساحة الإبداعات، لما يحمله من رسائل تتجاوز مفهوم الترفيه إلى التوعية والتربية والتثقيف وتصحيح المفاهيم وغرس القيم الأصيلة والتعبير عن روح مجتمعاتنا الخليجية وثوابتها وأخلاقياتها.
ضرورة تشجيع الإنتاج المحلي
أشار العماري إلى أن غالبية أفلام الرسوم المتحركة التي نشاهدها مستوردة من الغرب، غالبًا من الولايات المتحدة أو اليابان، ولا تتوافق مع قيمنا المجتمعية ولا عاداتنا ولا أخلاقنا. وأكد على أهمية تشجيع المشاريع المحلية التي يمكن أن تحل محل هذه الأفلام، بشرط أن تكون بجودة عالية تجذب المشاهد.
إطلاق ورش عمل لتعليم فن الرسوم المتحركة
أعلن العماري عن تنظيم المركز القطري للصحافة دورات وورش عمل لتعليم فن الرسوم المتحركة للمهتمين، مشيرًا إلى أن المركز يدرس آليات التعاون مع الرسامين لإطلاق هذه الورش قريبًا.
تحديات صناعة أفلام الرسوم المتحركة
وجهت الإعلامية أمل عبد الملك مجموعة من التساؤلات حول التحديات التي تواجه صناعة أفلام الرسوم المتحركة، ولماذا لم نتمكن من تطوير هذا النوع من الفن في مجتمعنا رغم وصوله إلى كل بيت عربي بواسطة الدول الغربية. كما ناقشت التحديات الأخلاقية والتربوية التي تواجه مجتمعنا، وكيف يمكن خلق محتوى كرتونيًا يجمع بين الترفيه والتعليم، ولماذا لم نتمكن رغم الطاقات العربية الموجودة من إصدار شخصية كرتونية تمثلنا؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك، وما هي الخطوات التي يمر بها إنجاز عمل فني من الرسوم المتحركة؟
بدايات الرسام يوسف الحمادي في عالم الرسوم المتحركة
تحدث الرسام يوسف الحمادي عن بداياته في عالم الرسوم المتحركة، مشيرًا إلى أنه بدأ كمصمم جرافيك في عام 2001، ليلفت نظره بعدها الصور التلفزيونية وحركتها، وكيفية تحويل الصورة الجامدة إلى متحركة أو أنيميشن. بعد عام 2004، ظهرت برامج متطورة تساعد على تحريك الجرافيك، وحاول الحمادي تطوير مهاراته ليصل إلى الاحترافية، وركز بشكل أكبر على "الموشن جرافيك" التي تختلف عن الأنيميشن، حيث تعتمد الأخيرة أكثر على شخصيات وتمثل إعطاء الروح للشخصيات حسب ترجمة المعنى الحرفي اللاتيني للكلمة.
ما هو "الموشن جرافيك"؟
أوضح الحمادي أن "الموشن جرافيك" هي عملية صنع وهم الحركة، عن طريق العرض السريع لتسلسل معين من الصور أو الرسمات، ثنائية أو ثلاثية الأبعاد، والتي تختلف عن بعضها اختلافًا بسيطًا ثم يزداد تدريجيًا، وعادةً ما يُضاف لها بعض الأصوات، والمؤثرات الصوتية، والموسيقى الخلفية.
إنجازات الحمادي
تمكن الحمادي في عام 2012 من إنجاز أول عمل أنيميشن له، والذي حمل عنوان "كتاب الحكمة". ومنذ ذلك الوقت، لم يتوقف عن العمل، حيث أنجز العديد من الأعمال سواء لجهات حكومية أو كأعمال شخصية.
فريق عمل الرسوم المتحركة
أوضح الحمادي أن صناعة الرسوم المتحركة تتطلب عمل فريق كبير من المتخصصين يتميزون بالمهارة والحرفية، وأن عملية صنع الرسوم المتحركة تمر بثلاث مراحل رئيسية: مرحلة ما قبل الإنتاج، مرحلة الإنتاج، ومرحلة ما بعد الإنتاج. وكل مرحلة لها مجموعة من الخطوات التي قد تختلف حسب الغرض المقصود من الرسوم المتحركة.
وصول الرسوم المتحركة إلى العالمية
وعن سؤال ما الذي ينقصنا لنصل إلى مستوى إنجاز فيلم كرتوني يعكس ثقافتنا، ويمكن من خلاله الوصول للوطن العربي والعالمية، أشار الحمادي إلى أن العمل الكرتوني يبدأ من الفكرة، ومعالجتها تتطلب سلسلة من الخطوات. وأشار إلى أن أمريكا بدأت في صنع الأفلام الكرتونية منذ عام 1900 باستخدام تقنية "ستوب موشن"، وفي عام 1911، اكتشفوا أنه لابد من توفر 16 إطارًا حتى تكون الحركة بدون انقطاع. مرورًا بتلك السنوات، اكتسبت أمريكا خبرات مكنتها من إنتاج أفلام قوية غزت العالم وثقافاته، كما طوروا من إمكاناتهم وتقنياتهم خلال 200 عام، حيث أدركوا أن العين البشرية تثبت ثلث ثانية من الصورة لتليها باقي الصور، وهو ما يشكل الحركة.
أسماء لامعة في عالم الرسوم المتحركة
أشار الحمادي إلى أن كل الأسماء التي لمعت في عالم صناعة الأنيميشن في البدايات كانوا يعملون في الصحف، وبدأ اهتمامهم بفن الرسوم المتحركة من خلال تجربتهم في وسائل الإعلام المختلفة، حيث كانوا رسامي كاريكاتير أو رسامي قصص مصورة وبدؤوا يبحثون عن آلية لتحريك صورهم ورسوماتهم، وضرب مثالًا باستخدام بعض الشعوب للرسوم المتحركة في التعبير، مثل شعب التشيك الذي عبر عن الحرب العالمية الثانية من خلال تحريك مجسمات الصلصال.
واقع الرسوم المتحركة في الخليج
وعن منطقة الخليج، قال الحمادي: رغم وجود الكثير من رسامي الكاريكاتير فإنه لم يتم التوجه لتحريك الشخصيات التي يرسمونها، وما زالت الكثير من التساؤلات المطروحة، وهي ما هي الحاجة لإنتاج رسوم متحركة، أو لماذا ننتج هذا النوع من الفن ولمن؟، وهنا وبالنظر إلى مجتمع مثل اليابان مثلًا، فإن هذا النوع من الفن موجه إلى كل الفئات العمرية، وهو مطلوب عكس مجتمعاتنا العربية والخليجية، حيث يقتصر الطلب على مجموعة من المؤسسات، مثل كهرماء التي تنتج منذ عام 2012 أفلامًا كرتونية وتطلب أن تكون الأعمال التي تنتجها حصرًا رسومًا متحركة، خاصة تلك المتعلقة بترشيد الاستهلاك والتي تنتج سنويًا.
نقص المتخصصين
وعن سبب عدم قدرتنا على إنتاج أفلام رسوم متحركة خاصة بنا وتترك أثرًا محليًا ودوليًا، قال الحمادي: لا يوجد لدينا متخصصون في مجال أفلام الرسوم المتحركة، فأنا أذكر في عام 2013 عندما أردت إنتاج فيلم "عائلة رمضان كريم" اضطررت إلى إنتاجه في مصر، وبعدها عدت إلى قطر وحاولت التسويق للعمل، وهنا تظهر إشكالية كبيرة لصناع الأفلام الكرتون، حيث إنه لا يوجد لدينا التنوع في القنوات التي يمكننا أن نسوق لديها أعمالنا، وما يحدث عندنا هو العكس، حيث إننا نبحث عن الجهة التي تشتري العمل، أو التي نسوق لها العمل، ثم بعدها ننتج العمل، وفي الغالب ما يحدث هو الاعتماد على أسماء مشهورة أو نجوم ليشاركوا في العمل من خلال أصواتهم، وهو ما يجعل عملية التسويق أسهل؛ لأن المنتج يضمن الإعلانات؛ بسبب حضور النجوم في العمل.
الدعم المقدم لصناعة الرسوم المتحركة
أشار الحمادي إلى الدعم الذي تعطيه بعض المؤسسات لإنتاج أفلام الكرتون، وأشار إلى بعض الأعمال التي تركت أثرًا في المجتمع، لكنه قال إنه لم يتم الاستفادة منها أو البناء عليها، والترويج لها حتى تشتهر أكثر. ذكر أيضًا بعض التجارب التي أصبحت تسوق للأفلام عبر صناعة منتجات سواء للأطفال أو الكبار كدعاية للمنتج، وأشار إلى الطرق التي يمكن من خلالها الحصول على دعم الشركات أو الجهات، أو من خلال الاعتماد على أسماء كبيرة في إنجاز العمل.
نقطة التحول في مسيرة حسين حيدر
تحدث حسين حيدر عن بداياته في عالم الرسوم المتحركة، مشيرًا إلى أنه كان شغوفًا بالرسوم المتحركة منذ الصغر، وترعرع على قناة "سبيستون". بعد تخرجه، وبالضبط في عام 2016، نظمت مؤسسة الدوحة للأفلام دورة في كتابة القصة قدمها أستاذ أمريكي من شركة تنتج رسومًا متحركة. سأل حسين الأستاذ: لماذا لا تقدم قصصًا عن بيئتنا العربية؟
خلاصة النقاش
تطرقت الجلسة إلى العديد من التحديات التي تواجه فن الرسوم المتحركة في قطر، مثل نقص الدعم المالي ونقص المتخصصين وارتفاع تكلفة الإنتاج. أكدت الجلسة على ضرورة دعم المواهب الوطنية الشابة في هذا المجال، وتشجيع المشاريع المحلية التي يمكن أن تنافس الإنتاجات الأجنبية. كما أكدت على أهمية تطوير البنية التحتية لصناعة الرسوم المتحركة في قطر، وتوفير المزيد من فرص التدريب والتأهيل للمهتمين بهذا المجال.
الخلاصة
يتطلب نهوض فن الرسوم المتحركة في قطر جهودًا مشتركة من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة، ورسامي الكاريكاتير والمهتمين بالرسم وفن الرسوم المتحركة وصناع المحتوى. يجب على جميع الأطراف العمل معًا لدعم المواهب الوطنية، وتطوير الصناعة، وإنتاج محتوى عالي الجودة يمثل ثقافتنا العربية.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً