سالم البراشدي: إنشاء مشاريع خاصة لمستحقي الزكاة لتحويلهم من مستهلكين إلى منتجين

دور لجان الزكاة في تعزيز التكافل الاجتماعي: حوار مع سالم البراشدي

في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المجتمعات، تبرز لجان الزكاة كحلقة وصل حيوية لتعزيز روح التكافل الاجتماعي. من خلال هذا الحوار، سنتعرف على دور هذه اللجان في تحقيق العدالة الاجتماعية وتلبية احتياجات المستحقين. وسنتناول كيفية عمل لجان الزكاة، والمعايير التي تتبعها في توزيع الأموال، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها والسبل الممكنة لتجاوزها. كما سنتحدث عن أهمية الشفافية في عملها، ودور المجتمع ووسائل الإعلام في رفع الوعي حول الزكاة.

دور الزكاة في تحقيق التكافل الاجتماعي

للزكاة دور محوري في تحقيق التكافل الاجتماعي من خلال الجزء اليسير الذي يخرجه الغني بحيث لا يؤثر على رأس المال الذي يستثمره في تنمية ماله وخدمة المجتمع. ومبلغ الزكاة يُعطى للمعسر لسد حاجاته الأساسية ويُصرف في تحريك عجلة الاقتصاد. من خلال هذه الآلية، تنشأ الألفة بين أفراد المجتمع.

الوعي بأهمية الزكاة

ولله الحمد، توجد صحوة لدى أفراد المجتمع للدور الهام الذي تؤديه الزكاة في تحقيق التكافل الاجتماعي، وذلك من خلال ما يشاهدونه من جهود تُبذل من لجان الزكاة على مستوى السلطنة. الزكاة منظومة في غاية الترتيب، وهي حركة استثمارية في المال لها أبعادها وآثارها الطيبة على الفرد، تزكية وتطهيرًا وسموًا عن الشح والأنانية، وتجعله يشعر بالآخرين ويسهم في مد العون لهم، مع جزيل الجزاء في الآخرة.

آليات توزيع الأموال

تعتمد لجنة الزكاة بالولاية برنامجين في التوزيع: الأول هو التوزيع العام لجميع الأسر، ويكون بمعدل 3 توزيعات سنوية عن طريق بوابة الزكاة الإلكترونية، أما الثاني فهو تلبية احتياجات الأسر من خلال لجنة دراسة الطلبات التي تستقبل الطلبات المختلفة للأسر.

معايير تحديد المستحقين

تدرس اللجنة الاجتماعية الأسر المتقدمة للحصول على الزكاة من خلال استمارة دراسة الحالة، والتي توضح بيانات تفصيلية لكل أسرة، بالمقارنة بين دخل الأسرة ونفقاتها وحساب متوسط دخل الفرد. وبعد إجراء العمليات، إذا وُجد أن نصيب الفرد أقل من 70 ريالًا، تكون الأسرة من ضمن قوائم الاستحقاق.

التحديات والسبل لتجاوزها

نتيجة للطلبات المتزايدة على لجان الزكاة من فئات الفقراء والمحتاجين والغارمين، تحتاج كل هذه المساعدات إلى مبالغ كبيرة جدًا متزايدة بحكم الوضع العالمي الراهن. تحتاج اللجان إلى موارد مالية تتميز بالديمومة والاستمرار، ولا يمكن تلبية هذا المطلب إلا بتوفير موارد مالية ثابتة تغذي لجان الزكاة حتى تتمكن من الإيفاء بمستلزمات الأسر، كالوقف الخيري، وأيضًا سن القوانين التي تشجع التجار على دفع أموال الزكاة إلى لجان الزكاة بحيث يحصلون على بعض الإعفاءات الضريبية.

تعزيز الشفافية

تعزز الشفافية من خلال نشر تقارير دورية لمصروفات الزكاة، والتي بدورها تشجع المجتمع على التفاعل مع هذه المؤسسة من خلال النشاط المجتمعي الملاحظ والتفاعل مع احتياجات المستحقين. كما تحتفظ اللجنة بسجلات تفصيلية لإيرادات اللجنة والمبالغ الموزعة ولمن تم توزيعها.

دعم المشاريع الصغيرة

تساهم اللجنة من خلال تأهيل بعض المستحقين للزكاة على إنشاء مشاريع خاصة لتحويلهم من مستهلكين إلى منتجين، مما يعزز دخل الأسرة. ولدينا بعض التجارب، ولله الحمد، في الولاية من خلال التمكين، وكان لها الأثر الطيب.

التغيرات في حجم التبرعات

شهدت لجان الزكاة نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة الاهتمام الذي توليه وزارة الأوقاف ممثلة في دائرة الزكاة من خلال إصدار دليل الحوكمة والاهتمام بتوعية لجان الزكاة في الولايات، ونشر الإعلانات والمحاضرات والخطب، وإقامة الندوات، والتي بلا شك يصاحبها التغطيات الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

دور وسائل الإعلام

تؤدي وسائل الإعلام بشتى أنواعها دورًا كبيرًا في تشكيل الوعي المجتمعي لدى قطاع كبير من الأفراد من جهة، والمجتمعات من جهة ثانية، من خلال توضيح الأحكام الشرعية وطرق إخراج الزكاة، ودور لجان الزكاة كجهات موثوق بها في تجميع وتوزيع الزكاة على أفراد المجتمع المستحقين.

تعاون القطاع الخاص

يمكن أن يساهم القطاع الخاص في تعزيز لجان الزكاة من خلال الدعم المادي لهذه اللجان، وذلك بتأدية فريضة الزكاة وتقديم خدمة للمجتمع من خلال برامج الصدقات في اللجنة. كما أن المؤسسات الخيرية تعمل جنبًا إلى جنب مع لجان الزكاة لدعم الأسر المعسرة.

قصص النجاح

من مقاصد الشريعة في الزكاة الخروج بأفراد من دائرة الاستحقاق إلى حد الكفاية. ولجنة الزكاة بالولاية وضعت مجموعة من الأسر للدراسة والتحاقها ببرنامج تمكين للخروج بها من دائرة الاستحقاق. ومن التجارب الناجحة، ولله الحمد، في الولاية دعم أحد الشباب بمبلغ لشراء مركبة لنقل اللحوم، مما ساعد الأسرة للوصول إلى حد الكفاية. ومن التجارب أيضًا دعم طلاب العلم الجامعيين، والذين بعد تخرجهم كانوا داعمين للجنة ولأسرهم.