شراكة فيفا وأرامكو: صراع القيم بين الرياضة والتحديات البيئية وحقوق الإنسان
فيفا وأرامكو: صراع القيم بين الرياضة والتحديات البيئية وحقوق الإنسان
بيان لاعبات كرة القدم ضد شراكة فيفا مع أرامكو
أثار عقد شراكة بين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وشركة أرامكو السعودية جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضية والاجتماعية. وقد وقعت أكثر من 100 لاعبة كرة قدم من أنحاء العالم خطاباً مفتوحاً موجهاً إلى فيفا، مدعوماً من منظمة "رياضيي العالم"، التي تعمل على تعزيز الوعي الاجتماعي والبيئي بين الرياضيين.
عبّرت اللاعبات في بيانهم عن رغبتهم في إنهاء شراكة فيفا مع أرامكو، بسبب ما يرونه تناقضاً بين القيم البيئية التي ينبغي على فيفا أن يدافع عنها ودور أرامكو في إنتاج النفط. وأكدنَ على أن هذا التناقض يتعارض مع قيم الاستدامة وحقوق الإنسان والمبادئ البيئية التي ينبغي على فيفا أن يعتمدها.
أعربت اللاعبات عن قلقهن من سجل السعودية في حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بحقوق النساء والحقوق المدنية. كما عبّرنَ عن تخوفهن من تعريض سمعة كرة القدم للخطر، مؤكداتٍ أن الخسارة المالية من شراكة كهذه ستكون مقبولة بالنسبة لهن، لأن حقوق الإنسان والمبادئ البيئية أهم من الاستثمار في كرة القدم النسائية.
مطالب اللاعبات
طالبت اللاعبات بمراجعة فيفا لعلاقاته التجارية مع الشركات التي قد تؤثر سلبًا على البيئة، وتعزيز الشراكات مع شركات تساهم في دعم أهداف البيئة المستدامة، وتتماشى مع القيم الرياضية.
كما طالبن بفتح باب النقاش بين فيفا واللاعبين قبل اتخاذ أي خطوة تجارية، مع مقترح بإنشاء لجنة مكونة من لاعبات ومديرات رياضيات تعمل على دراسة الشراكات المستقبلية لفيفا.
ردود الفعل على بيان اللاعبات
تباينت ردود أفعال المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي على بيان اللاعبات، بين مؤيد ومعارض.
وأشار بعض المتابعين إلى أن هذا الهجوم يأتي كون الشركة سعودية، كما حدث من قبل مع استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم 2022.
أرامكو والالتزام بالاستدامة
أرامكو، شركة النفط العربية السعودية، هي أكبر شركة نفطية في العالم من حيث القيمة السوقية وحجم الإنتاج.
أعلنت أرامكو، في أبريل 2024، عن عقد اتفاقية تجارية مع فيفا، أصبحت بموجبها شريكاً رسمياً للفيفا في مجال الطاقة.
وتعرضت الشركة للكثير من الانتقادات بسبب مساهمتها في تغيير المناخ والتأثيرات البيئية السلبية، مثل الانبعاثات الكربونية الضخمة والتسربات النفطية.
دافعت أرامكو عن شراكة فيفا، وردت على الاتهامات بالتأكيد على التزامها بالاستدامة والعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية. وأبرزت عدة مشاريع في الطاقة المتجددة، كما أشارت إلى برامجها في مجال المسؤولية الاجتماعية، والاستثمار في مشاريع تعليمية وصحية ومجتمعية لتطوير المجتمعات المحلية.
استثمار السعودية في الرياضة
في السنوات الأخيرة استثمرت السعودية في شتى المجالات الرياضية، مثل الاستثمار في أندية رياضية خارجية، أو أندية محلية، ودعمها ماليا في العامين الأخيرين.
وضيّفت السعودية العديد من الفعاليات الرياضية الكبرى، كسباقات الفورميلا 1 وبطولة السعودية المفتوحة للتنس وعروض المصارعة الحرة الترفيهية WWE وعدة أحداث في رياضة الجولف والكريكت وكأس السوبر الإيطالي والإسباني لكرة القدم وغيرها.
كما استثمرت السعودية في الرياضات الجديدة وغير التقليدية كسباقات الدراجات الهوائية ورياضة القفز المظلي وبطولة السعودية لرياضة السيارات، حتى استضافة نهائيات دوري المقاتلين المحترفين لموسم 2024.
الانتقادات الموجهة للاستثمار السعودي في الرياضة
واجه الاستثمار السعودي الكبير في مجال الرياضة الكثير من الانتقادات، أبرزها هو الغسيل المالي الرياضي، وإنفاق الكثير من الأموال من أجل تبييضها، بخلاف انتقادات موجهة بسبب حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحرية التعبير، والمعاملة غير العادلة للمعارضين السياسيين.
كما أُثيرت مخاوف من أن هذا الاستثمار الرياضي سيعزز من صورة الحكومة رغم هذه القضايا، كما أن هناك مشكلات التأثير البيئي المرتبطة بأرامكو، بسبب تأثيرها سلبياً على البيئة والتغير المناخي.
أهداف الاستثمار السعودي في الرياضة
أكدت السعودية أن استثمارها الرياضي بهذه الكيفية، يأتي لتحويلها لمركز رياضي عالمي، وتعزيز الحضور في الرياضة بشكل عام، لتحقيق العديد من الأهداف، كجزء من رؤية 2030، أهمها هو تقليل الاعتماد الاقتصادي على النفط، وتحقيق التنمية المستدامة وتطوير البنية التحتية، وتعزيز السياحة والاقتصادي المحلي وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين الصورة الدولية تحقيق الإصلاحات الاجتماعية كتمكين المرأة.
عوائد الاستثمار السعودي في الرياضة
بخلاف العوائد الاقتصادية من تضيّيف الفعاليات الرياضية الكبرى وتحفيز السياحة الرياضية، فهناك أيضًا عوائد أدبية ومعنوية من تعزيز مكانة المملكة دوليًا، وبناء جسور ثقافية مع دول أخرى، وهو ما يصب في النهاية لتعزيز رؤية السعودية 2030 والهوية الوطنية.
موقف فيفا من بيان اللاعبات
لم يصدر فيفا تصريح حول بيان اللاعبات، إلا أنه دائماً يؤكد سعيه لتعزيز الاستدامة والالتزام بالمبادئ البيئية من خلال شراكاته المختلفة.
ولم يتأكد ما إذا كان اتساع الضغط على فيفا بسبب شراكة أرامكو قد يؤدي إلى إعادة تقييمها أو لا.
فوائد شراكة فيفا وأرامكو
شراكة فيفا وأرامكو ستعود بالنفع على الجانبين.
يهدف فيفا لتنويع مصادر دخله، والشراكة مع أرامكو ستضخ استثمارات مالية ضخمة في البطولات الرياضية، ما سيعزز البنية التحتية للملاعب والمرافق الرياضية حول العالم.
على الناحية الأخرى فالشراكة ستسهم في توسيع العلامة التجارية للشركة عالمياً، والوصول لجمهور ضخم في أسواق متنوعة، كما ستحسن من صورتها على الساحة الدولية، وخاصة فيما يتعلق بالمسؤولية المجتمعية ودورها في دعم الرياضة والتنمية.
شراكات فيفا عبر التاريخ
واجه فيفا الكثير من الانتقادات سابقاً بسبب شراكاته المختلفة، إلا أن شراكات فيفا شهدت تطورًا عبر التاريخ في معايير اختيار الرعاة.
كان الاتحاد الدولي في البداية يركز على الشركات الرياضية كأديداس ونايكي لتوفير المعدات الرياضية وغيرها، إلا أنه مع الوقت بدأ فيفا يوسع نطاق شراكاته لتشمل شركات متعددة الجنسيات للوصول لجمهور أوسع وتعزيز صورة الاتحاد الدولي لكرة القدم العالمية.
مع تزايد التكاليف المتعلقة بتنظيم البطولات، وتوسع شبكات البث التلفزيوني، بدأ فيفا في إبرام شراكات مع شركات ذات قدرة مالية ضخمة من قطاعات الطاقة والمؤسسات المالية، لتأمين الدعم المالي اللازم.
تحديات فيفا في اختيار الرعاة
إلا أنه في السنوات الأخيرة ومع الكثير من الاتهامات بالفساد والضغوط بسبب حقوق العمال وقضايا الاستدامة والبيئة، بدأ فيفا في إعادة تقييم معايير اختيار الرعاة، وهو ما وضع فيفا أمام تحديات في اختيار الرعاة المستقبلين.
الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا يظل في مواجهة تحديات كبيرة بشأن استراتيجياته في اختيار الرعاة، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة حول القضايا البيئية وحقوق الإنسان.
تأثير بيان اللاعبات على شراكة فيفا وأرامكو
بيان اللاعبات يؤكد على أهمية أن تعكس قرارات فيفا قيم الاستدامة والمساواة، ويعكس وعي الرياضيين بدورهم في التأثير على القرارات الرياضية الكبرى.
وقد يدفع فيفا لمراجعة استراتيجيته، ويفتح المجال أمام المزيد من الشفافية في عملية الاختيار.
مع تصريح بعض اللاعبات بأن فيفا إن لم يراجع قرار شراكة أرامكو حتى كأس العالم لكرة القدم للسيدات في 2027، فقد يؤدي ذلك لاعتذار بعض اللاعبات عن البطولة، أو حتى مقاطعة من بعض الدول.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً