«شعور بلا قيود» .. تعبير عن المشاعر عبر الألوان واللوحة
"شعور بلا قيود": تعبير عن المشاعر عبر الألوان واللوحة
مقهى كحاضن للفن والتعبير
تُذكرني أي فعالية فنية أو ثقافية تُقام في مقهى ما بارتباط المقاهي بالفنون والآداب على مر الأزمنة في الوطن العربي. فمقهى الفيشاوي في القاهرة، على سبيل المثال، يُعد حاضنًا للفن والأدب. فلا يكاد يخلو المكان من عازفي العود والإيقاعات وأصوات الغناء، بالإضافة إلى حضور بائعي الكتب المتجولين الذين يعكسون في كثير من الأحيان اطلاعهم الواسع على ما يحملونه من كتب. بل في زيارتي له لاحظت أن بين الحضور من يتناقشون حول مسائل ثقافية وحضورها وواقعها، كما أن عددًا من المثقفين يجدون في الفيشاوي مجلسًا دائمًا لهم. والأمر كذلك في مقاهٍ عديدة في مصر والعراق وبلاد الشام، وبعض مقاهينا في منطقة الخليج.
معرض "شعور بلا قيود" في مقهى "نسق"
ما دفعني للشروع بهذه المقدمة هو معرض فني افتُتح مساء أمس في مقهى "نسق" الكائن في منطقة الموالح، وحمل المعرض عنوان "شعور بلا قيود". ليكون المقهى حاملًا لرسالة الفن ومقدمًا كيانه كواحد من حواضن الإبداع الفني والأدبي. وليس لإقامة المعرض الذي سيستمر إلى التاسع من نوفمبر فحسب، بل لاحتضانه ورشة فنية قدمها الفنان جمعة البطاشي لمدة 3 أشهر في المكان ذاته، فكان المعرض ونتاجه الفني وليدًا لتلك الورشة.
ورشة فنية تفتح أبواب التعبير
ويقول الفنان جمعة البطاشي، المشرف على المعرض: "فكرة المعرض أنه امتداد لورشة حملت عنوان (من الفكرة حتى اللوحة)، وكانت الورشة مقدمة لعدد من المشاركين، وهم اليوم مقدمو هذا المعرض الفني، مستخدمين الألوان الأكريليك، وقد استمرت الورشة حوالي 3 أشهر في نسق كافيه".
وتابع البطاشي: "ركّزت الورشة على أن يقوم كل مشارك بكتابة مشاعره وأفكاره ثم ترجمتها في عمل فني، وذلك بهدف مساعدة الفنان في كيفية التعبير عن كل الأحاسيس بلغة بصرية فنية".
لوحات تعكس المشاعر والتجارب
احتضن المعرض 8 أعمال فنية تنضح بالمشاعر والأحاسيس. ولقد أسرتني لوحة "تشافي" للفنانة لمياء الجابرية، حيثُ تُظهر فتاة مغمضة العينين، رأسها مُوجَّه نحو القمّة، ضامة يديها على صدرها، وكأنها ممسكة بكرة مضيئة. فهل تشع نورًا أم طاقة أم أحاسيس مدفونة عصية على الكتمان؟ مزجت صاحبتها لمياء الجابرية ألوانًا متعددة في لوحتها، فهل هي مشتتة أو مختلطة بالمشاعر المتناقضة؟ فكما أعلم، لكل لون تعبير شعوري، في حين يبث شعرها المتطاير شعورًا بالتأثير على الآخر النابع من داخل الشخص ذاته. فما الذي تريد قوله لمياء بهذه اللوحة؟
وتسترسل لمياء واصفة عملها: "رحلة التشافي هي رحلة داخلية تبدأ من خوض الأعماق، شيئًا فشيئًا تتسلل إلى الخارج في تموجات مليئة بالأمل لتنعكس على كل حياتنا".
رحلة استكشاف الهوية والعمق
شارك هود الهنائي بعمله الواقعي الذي حمل عنوان "الهوية". حيثُ تتناول اللوحة الطابع العُماني البدوي، وتظهر طفلًا يعتمر العمامة العُمانية وخلفه باب حديد من الطراز القديم عليه آثار الصدأ في دلالة على الماضي وأثره على الإنسان وصنع هويته. ويقول الهنائي: "الطفل يرمز إلى البادية القديمة، يظهر ملثمًا كما هو حال أهل البادية عندما يسيرون قاطعين الهضاب الرملية حماية لهم من الغبار المتطاير، اللوحة تعكس ارتباطي بالبادية وأهلها واعتزازي بهويتي العُمانية الأصيلة المليئة بالخصال الحميدة، وهو شعور يجول في داخلي وعبرت عنه في هذه اللوحة".
أما سندس السالمية، فقد قدمت لوحتها التي تغوص في الأعماق، وكأنها تبحث عن ذاتها بعمق، أو ربما تتأمل في أعماق الآخرين. وتقول عن عملها: "تتمثل اللوحة التي عنونتها بـ(عمق) حول موضوع الحوت القرشي، وهو الزائر الموسمي لبحار عُمان، تزين الحلقات الدائرية حول الحوت لتعطي إحساسًا بالتمركز، والأسماك الصغيرة الملتفة حول الحوت تعكس أن القوة لا تعني السيطرة دائمًا".
جلسة حوارية تناقش أعمال الفنانين
إلى جانب تلك اللوحات الثلاث، هناك خمس لوحات أخرى تحمل في تفاصيلها مشاعر مختلفة تسكن في نفس كل فنان مشارك.
وتضمن افتتاح المعرض جلسة حوارية بمشاركة أزهار الحارثية، مديرة النادي الثقافي، والفنان عبدالكريم الميمني، والمؤلف والمخرج المسرحي خليفة الحراصي. تم خلالها مناقشة الفنانين المشاركين حول أعمالهم الفنية.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً