صراع الإبداع .. هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل الكتابة الأدبية؟
صراع الإبداع: هل يهدد الذكاء الاصطناعي مستقبل الكتابة الأدبية؟
هل ستصبح الرواية التي يكتبها الذكاء الاصطناعي ظريفة ومؤثرة مثل الرواية التي يكتبها إنسان؟ هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الكاتب البشري فـي إنتاج الأعمال الأدبية؟
تطرح هذه الأسئلة تحديًا جديدًا للإبداع البشري فـي عالم الأدب والكتابة. بينما يشهد العالم تطورًا مذهلًا فـي مجال الذكاء الاصطناعي، يزداد القلق حول تأثيره على الإبداع الأدبي. نستكشف آراء ثلاثة من أبرز الروائيين العرب حول هذه القضية، وهم الروائي السوداني أمير تاج السر، والروائي المصري إبراهيم عبد المجيد، والروائي الجزائري واسيني الأعرج.
رأي أمير تاج السر:
يؤكد الروائي السوداني أمير تاج السر أن الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلًا للكاتب لأسباب عديدة. النص الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي يكون نصًا معدًا مسبقًا، فهو يعتمد على برمجة موجهة وتخزين كمية هائلة من المفردات. لكن هذه المفردات لا تعكس بالضرورة الأسلوب الإبداعي الذي يستخدمه الكاتب. فالكاتب دائمًا يبتكر فـي استخدام اللغة، ويخلق ترتيبات لغوية مميزة، ويضيف تفاصيل ورؤى غير متوقعة، وهذا ما يفتقر إليه الذكاء الاصطناعي.
عندما يطلب أحدهم من الذكاء الاصطناعي كتابة قصة عن حدث مثل الحرب فـي السودان، سيقدم الذكاء الاصطناعي وصفًا كلاسيكيًا وسطحيًا. قد يصور رجلًا يعود ليجد بيته مدمرًا ويشعر بالحزن، ولكن لن يضيف أبعادًا إنسانية أو خلفـيات اجتماعية أو اقتصادية، أو يعالج انتماءات الشخصية وعلاقتها بالعالم من حولها. هذه التفاصيل الحيوية التي تجعل المشهد ينبض بالحياة تأتي فقط من الكاتب الذي يدرس شخصياته بعمق.
ويؤكد تاج السر على أن الكتابة الأدبية تتطلب مجهودًا ذهنيًا كبيرًا ومهارات إبداعية لا يمكن استبدالها بأي تقنية. لن تكون الرواية التي يكتبها الذكاء الاصطناعي ظريفة أو مؤثرة بنفس مستوى الرواية التي يكتبها إنسان. فالكاتب يعيش مع نصه ويغوص فـي تفاصيله، وهذا ما يصنع الفارق.
رأي واسيني الأعرج:
يؤكد الروائي الجزائري واسيني الأعرج أن الأدب الاصطناعي فـي الغرب أصبح ظاهرة كبيرة، مشيرًا إلى عدد الروايات التي يتم إنتاجها وبيعها على منصات مثل "أمازون" باستخدام الذكاء الاصطناعي. ويوضح واسيني أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مفـيدًا فـي جوانب محددة مثل الحسابات أو ترجمة المصطلحات، لكنه غير قادر على إنتاج إبداع خيالي مكتمل.
يقول واسيني: "الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يتخيل خارج ما هو موجود، ولا يستطيع تقديم رؤية جديدة. الإبداع الأدبي يحتاج إلى عنصر إنساني وروحي لا يمكن أن يُستبدل بتقنيات حسابية. بالنسبة لي، الذكاء الاصطناعي جزء من التطور، لكن لا أعتقد أنه يمكن أن يحل محل الإنسان فـي عملية الإبداع."
رأي إبراهيم عبدالمجيد:
يوضح الروائي المصري إبراهيم عبدالمجيد موقفه قائلًا: "أنا لستُ مستعدًا لاستخدام التقنية فـي الكتابة الأدبية، وذلك لسببين رئيسيين. الأول هو إنه بعد رحلة طويلة فـي عالم الأدب، لا أرى أنني قادر على استخدام أي شيء خارج عن الروح والإبداع الشخصي فـي كتابة الرواية. أما السبب الثاني فهو إيماني العميق بأن الذكاء الاصطناعي، رغم إمكانياته، لن يتمكن من نقل الروح الفنية التي تأتي من التجربة الحقيقية."
يُشدد عبدالمجيد على أن الإبداع الحقيقي هو نشاط روحاني يتجلى فـي الصدق الإنساني. الإبداع الأدبي يأتي من الروح، وهو مختلف تمامًا عن الإنجازات التي تعتمد على الحسابات العقلية البحتة. الإبداع هو مزيج من الأحاسيس والتجارب الإنسانية والخيال، وهذه أمور يصعب على الذكاء الاصطناعي تحقيقها.
خلاصة:
تشكّل الثورة الرقمية وتطور الذكاء الاصطناعي تحديًا جديدًا للإبداع البشري فـي شتى المجالات، ولا سيما فـي عالم الأدب والكتابة. فـي هذا السياق، يطرح سؤال جوهري نفسه: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الكاتب البشري فـي إنتاج الأعمال الأدبية؟
هذا الحوار الفكري يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات عميقة حول طبيعة الإبداع، وجوهر التجربة الأدبية، ومستقبل الكتابة فـي العصر الرقمي. هي دعوة للتأمل فـي العلاقة بين التكنولوجيا والفن، وفـي قدرة الروح الإنسانية على الاحتفاظ بتفردها فـي مواجهة التقدم التقني المتسارع، مع ضمان حماية حقوق المبدعين فـي عالم يتغير بسرعة.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً