عبد الله الغذامى يكشف اللابس والمتلبس من أوراق أبى الطيب المتنبى
اللابس والمتلبس من أوراق أبي الطيب المتنبي: تحليل دقيق للشاعر العظيم
في كتابه "اللابس والمتلبس من أوراق أبي الطيب المتنبي", يطرح الكاتب السعودي عبد الله الغذامى سؤالاً هاماً: لماذا نفترق في إعجابنا بالمتنبي؟ لماذا يثير اهتماماً وجدلاً واسعاً على المستوى الشخصي؟ يجيب الغذامى على هذا السؤال من خلال بحثه الدقيق في أوراق أحد أشهر شعراء التاريخ العربي.
تحليل بيت شعر يكشف حقيقة المتنبي
يقول المتنبي: "وكل شجاعةٍ في المرءِ تُغني/ ولا مثلَ الشجاعةِ في الحكيمِ". هذا البيت يعتبر خطيراً، فهو يكشف حقيقة المتنبي بين حال الحكيم الشجاع والحالة الأخرى: الشجاع غير الحكيم. أي حال المتنبي بين اللابس للحكمة والمتلبس بالنسق؟ لقد ظل المتنبي حكيماً، وحكمته تنتشر على الألسنة وتعمّر ذاكرة الثقافة. لا شك أنه شاعر عظيم، لكنه يظل نسقياً تتحكم فيه قوى غير حكيمة. لقد مات ميتة غير حكيمة، وإن كانت شجاعة، وذلك لأن حكمته غابت لحظة مواجهته للموت ولم تحصنه الشجاعة.
الشجاعة: فضيلة أم رذيلة؟
الشجاعة قد تكون فضيلة وقد تكون رذيلة. وبحسب مقولة سقراط بكون الفضيلة وسطاً بين رذيلتين، فإن الشجاعة لكي تكون فضيلةً لا بد أن تقع في موقع الوسط بين الجبن أو التهور. قد تقع الشجاعة في نوع من الجبن أو نوع من التهور. وفي حال الجبن أو التهور، ستصبح حماقةً، وهذا ما قصد المتنبي بقوله: "يَرى الجُبَناءُ أَنَّ العَجزَ عَقلٌ/ وَتِلكَ خَديعَةُ الطَبعِ اللَئيمِ". فالجبن المتلبس بصفة التعقل هو من خديعة الطبع اللئيم. وهذا هو الوجه المقلوب للشجاعة. وكذلك سيكون التهور الذي هو حماقة واضحة وينتج عنه سلوكيات حمقاء في فعلها وفي ردود الفعل عليها. ولو أصيبت الشجاعة في علة التهور، فهي تعادل الحماقة لأنها تتحكم بصاحبها وتكون قوة متسلطة عليه. أما الشجاعة مع الرأي والحكمة، فستصبح قوة ناعمة. ومنها الشجاعة المعنوية والعقلية وشجاعة الرأي والتدبير، وهنا تكون فضيلةً. ولهذا قارن المتنبي بين موت رخيص وموت ثمين: "فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ/ كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ". فالموت رخيص أو ثمين في قيمته ولكن طعمه سيظل واحداً في الحالين. وقد أعلى المتنبي من شأن الرأي في قوله: "الرأي قبل شجاعة الشجعان/ هو أول وهي المحل الثاني".
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً