عزالدين عناية : المثقف الهشّ و الاستشراق البشع
المثقف في المهجر: هشاشة الوجود واستغلال الاستشراق
رحلة البحث عن الهوية
يُشبه المثقف المهاجر نبتة برية تفتش عن مكانٍ لتنمو في تربةٍ غريبة، في مناخٍ لم تتعود عليه. غالباً ما يُجبر الواقع الجديد المثقفَ على العيش على الهامش، بعيداً عن مركز السلطة وضوابط المؤسسة. ويبقى المثقفُ يحافظ على وجوده المادي، مؤجلاً أحلامه وطموحاته إلى أجل غير مُحدد.
إغواء الهجرة: وعيٌ مُشوش
قد تطول رحلة الاندماج أو تقصر، وقد لا تأتي أبداً. كثيرٌ ممن تُغريهم الهجرة لا يُدركون عواقبها. فليس المهاجر غير القانوني وحده من يُفْرط في أحلامه، بل يُشاركُه المثقف والدارس على حدّ سواء.
الاستغلال الثقافي
في المهجر، يُجبر العديد من المثقفين على تغيير مسارهم والتفريط بما يشغل بالهم قبل الهجرة. تُصبح معركة تسوية أوراق الإقامة والبحث عن عمل كريم معركةً قاسيةً تُستنزف طاقتهم وعزمهم. قد يُصبح المثقفُ شغله الشاغل إيجاد لقمة العيش ومأوى له.
تُصوّر بعض الأساطير الغربَ كحاضنٍ للثقافة والمواهب، بينما يُعتبر الشرق طارداً. لكن الواقع مختلف. يُعامل الوافد الجديد من قبل مُتحكمي قطاع الثقافة كغنيمة يُمكن استغلالها. يُقرّب الوافد الجديد إلى حدّ ما لإثراء مشاريعهم، لكنّه يُصبح ضحية لابتزازٍ ثقافيٍ أسوأ من الاستغلال المادي.
ثقافة الاستغلال
يُستغلّ المثقفون الشرقيون لخدمة مشاريع الاستشراق. يُوظّفون لترجمة الدراسات والأبحاث، وقد يُرتقون إلى مناصب رفيعة، لكنّ الواقع يُخبرنا أنّ دورهم هو واجهةٌ لا أكثر. في كثير من الأحيان، لا يُعتبرون شركاء في إنجازاتهم، بل أدواتٌ لخدمة مصالحهم الشخصية.
الاستشراق: مصلحةٌ فوق العلم
يُسيطر كثيرٌ من مقاوِلي الثقافة في الغرب على أقسام الاستشراق والاستعراب، لكنّ التعامل معهم عن قرب يكشفُ عن طبيعتهم الحقيقية: رجال صفقاتٍ لا أصحاب مشاريع علمية. تُصوّر بعضهم أنفسهم كحماة للحوار الحضاري، لكنّ سلوكهم يُظهر خلاف ذلك.
دور المثقف في المهجر
يُصبح المثقف المهاجر ضحيةً لتناقضات الواقع. يُجبر على التفريط في أحلامه، ويُصبح أداةً لخدمة مشاريع الآخرين. يُواجه مشاكلَ تتعلق بالاستغلال والابتزاز.
في النهاية، يُمكن القول أنّ الواقعَ يُفرضُ على المثقفِ المهاجرِ اختباراً صعباً. يجب أن يُعيّن دوره بشكلٍ واقعيٍ، دون تحميله أعباءً لا يُطاق. يجب أن يُدركَ أنّ الاستشراقَ ليس سوى أداةٍ لخدمة مصالحَ معينة، لا لها صلةٌ بالحوارِ الحضاريِ أو الإنساني.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً