عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو
عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو
المعارك التي تُدمّرنا
تُظهر مجموعة الواتس اب التي تضمّ مئتين من النخب الفكريّة من مختلف بلدان العالم الإسلامي، والتي تجمعهم آلامٌ وقضايا كبيرة، حجم الصّراعات التي نعيشها. فبدلًا من أن تكون هذه المجموعة مساحةً آمنة للحوار وتبادل الأفكار، تحوّلت إلى حلبة مصارعة فكريّة. وهذا الحال موجودٌ في جميع المجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُصبح منشوراتنا مشتعلة بنار الغضب، وتُدمر معاني الأخوّة.
الصّراع الداخليّ واستهدافنا جميعًا
"بينما هم في غمرة انقسامهم على أنفسهم إذ برز عدوٌّ يرفع شعار الصّليب يريد القضاء عليهم واقتلاع الإسلام من جذوره، وقد قدمت أُولى الحملات الصليبية سنة 492هـ وقال عنها ابن الجوزي: وردت الأخبار بأنَّ الإفرنج ملكوا أنطاكية ثم جاؤوا معرّة النّعمان فحاصروها، وقتلوا ونهبوا وقيل: إنّهم قتلوا ببيت المقدس سبعين ألف نفس"
يصف الشّيخ محمّد الغزالي في كتابه "هموم داعية" اشتباكنا الداخليّ، وهو الذي يضعنا في مواجهة الحوادث العظيمة والتحوّلات الكبيرة التي تستهدفنا جميعًا. ففي معركة أنطاكية، بدلًا من التّوحد في مواجهة الصّليبيين، كان الصّراعُ بين حلب ودمشق على أشده، وهذا يبين أنّ الصّراعات تُضعفنا في مواجهة العدوّ.
التّشظّي في زمن الحرب
في ظلّ الحرب المُستمرة، تُصبح أقوالنا ومواقفنا محطّ اتهام، وكلّ عبارةٍ تُقال، أو تصريحٍ يُصدر، تُفسر بالتّهم. فمناصرةُ جهةٍ في موضعٍ معيّن، لا تُبرّر تأييد مواقفها غير العادلة.
يُزيد التّشظّي بسبب التوسّع في التّأويل التهّامي و التّعسف في استعمال مفهوم المخالفة. فإطلاق مصطلح "القضيّة المركزيّة" لا يعني أنّ باقي القضايا غير هامّة، بل يُؤكد على أهمّية التّرابط بين جميع القضايا.
نحن نعيش في زمن يُفضّل التّأويلات التهّاميّة على الإعذاريّة. و يجب أن نُدرك أنّ حفظ روابط الأخوّة هو الأصل في وقت الأزمات.
خطورة "الولاء و البراء"
يُشكل مصطلح "الولاء و البراء" أحد أخطر المصطلحات التي تُستخدم اليوم. فبدلًا من أن يُستخدم في المواقف الشرعيّة، فقد تمّ توسيع معناه وتحويل الاختلافات السياسية إلى خلافات عقيديّة.
يُحذر من استخدام هذا المفهوم في المسائل السياسية، و يجب أن نُدرك أنّه لا يُمكن التّعامل مع أصول الاعتقاد الكبرى بنفس الطّريقة التي نُعامل بها المسائل السياسية.
انفكاك الجهة
يُعدّ مفهوم "انفكاك الجهة" من أهم المفاهيم التي تُساعد على حلّ الصّراعات. فقد تكون مسألة واحدة تستحقّ المدح من جهة و الذّمّ من جهة أخرى.فلو أنّ شخصًا يتنصّر مع جهةٍ مارست الظلم في موضعٍ آخر، فذلك لا يعني أنّه يؤيّد الظلم في جميع الأماكن.
### الانتقاد و التّقويميُظهر السّلوك الإسلامي الحقيقي توازنًا في النّصح و التّقويم. فقد يُصدر تصريحٌ من جهةٍ ما و تُوجه إليها الانتقادات بينما تُصمت عن غيرها رغم أنّها ارتكبت الخطأ نفسَه.
يُصبح الانتقاد فقدانًا للإنصاف عندما تُصمت عن مناصرة جهةٍ ما عند مواجهتها للظلم و العدوان.
### وحدة الأمّة و وحدة القلوبيجب أن نُدرك أنّ وحدة الأمّة لا تُعني ضرورة وحدة الآراء و التّوجّه. فقد تختلف الاجتهادات و تتعدّد الجبهات في العمل الواقعيّ، و نحن مُطالبون ب وحدة القلوب و التّضامن.
الشّيطن و غياب المشروع
عندما يُصبح الشّخص منشغلًا ب الصّراعات الفكريّة و يُهمل العمل العمليّ، فذلك هو الشّيطن الذي يُخرب وحدتنا.التّصنيف و التّشظّي
يُزيد التّصنيف و التّنابز التصنيفي من التّشظّي. فمن يُصنف في جهةٍ مُعاكسة ل مصنّفيه، يُصبح من الصّعب دمجَه في عملٍ مشترك.
النّافثون سمومهم في مياهنا
إنّ إنكار وجود الأيدي المحرّكة و الألسنة و الأقلام المجنّدة ل إحداث الفرقة بين أبناء الأمّة ليس من العقل السليم.
يُعدّ الحفاظ على وحدة الأمّة مُهمّة كبرى تُفرض على جميع أبناء الأمّة. ### رسالة ل العقلاء يُطالب العقلاء ب بناء ركيزة أخلاقية قوية، و يجب أن نُحارب التّهم التي تُوجه ب سهولة و ب غير حق. ### الخلاصةيُمكن أن تكون علاقتنا مع العالم الذي يجتمع معنا في القضايا الكبرى مبنية على الثّقة و التّضامن. فدمنا واحدٌ، و جرحنا واحدٌ، و مستقبلنا واحدٌ.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً