فرناندو بيسوا.. رحلة في عقل الشاعر البرتغالي وبيته
رحلة في عقل فرناندو بيسوا: اكتشاف الشاعر البرتغالي من خلال بيته
يقع بيت الشاعر والكاتب البرتغالي فرناندو بيسوا (1888-1935) في العاصمة البرتغالية لشبونة، تحديداً في حي كامبو دي أوركوي. عاش الكاتب "المتعدّد" هناك منذ عام 1920 حتى وفاته، وتحوّل بيته إلى متحف يحمل اسمه عام 1993. يتألف المتحف من ثلاثة طوابق، تعرض جوانب ومقتنيات تعكس اهتمامات الشاعر المتنوّعة.
مركز ثقافي نابض بالحياة
يتعدى دور متحف فرناندو بيسوا كونه مساحة لعرض مقتنياته إلى أن يكون مركزاً ثقافياً مهماً في لشبونة. ففي هذا المكان، تُقام فعاليات ثقافية وفنية متنوعة، مثل القراءات الشعرية، الأنشطة التعليمية، والندوات الأدبية، التي تهدف إلى إبراز تأثير بيسوا على الأدب البرتغالي والعالمي.
مخطوطات بيسوا: وثائق إبداعية
في الطابق الأول من المتحف، تُعرض مخطوطات ومراسلات ووثائق عائلية تركها بيسوا خلفه. بلغت عدد مخطوطاته غير المنشورة خلال حياته نحو 30 ألف مخطوطة، جمعها بعناية في صندوق كبير. تُعد هذه المخطوطات كنوزاً حقيقية، تُظهر عمق تفكير بيسوا وتنوع اهتماماته، بما في ذلك فصول كتابه الأشهر "اللاطمأنينة"، بالإضافة إلى خططه المختلفة لمشاريعه المستقبلية.
مكتبة بيسوا: كنوز رقمية
تم رقمنة مكتبة بيسوا الشخصية بين عامي 2008 و 2010 من قبل فريق من الباحثين، لتصبح متاحة للجميع عبر الإنترنت. وتُعد هذه المكتبة ملكية مشتركة لمجلس بلدية لشبونة ومؤسسة المتحف، بعد أن كانت في حوزة أبناء أشقّائه.
بيسوا في الفنون البصرية
ألهمت أعمال فرناندو بيسوا العديد من الفنانين، من خلال تصويرهم لحياته ومشاعره. فقد رسم الفنان البرتغالي خوسيه دي ألمادا نيجرييروس لوحة شهيرة بعنوان "فرناندو بيسوا يقرأ مجلة أورفييو" تكريماً لصديقه الشاعر، وهي واحدة من أهم أعماله.
بيسوا على الشاشة
لم يقتصر تأثير بيسوا على الفنون البصرية، بل امتدّ إلى السينما. فقد أخرج المخرج البرتغالي لويس ألفيس دي ماتوس عام 2018 فيلماً وثائقياً مدّته 25 دقيقة بعنوان "المسافر". ركز الفيلم على مكتبة بيسوا وشخصياته المُستعارة، وعلى الهوامش والملاحظات التي كتبها بخط يده، في حوار ما بين السينما والأدب، استكشافاً لعالم بيسوا الإبداعي الغامض والمعقّد.
عالم الأسماء المستعارة
اشتهر فرناندو بيسوا منذ صغره بإحاطة نفسه بأشخاص خياليين، أصدقاء، معارف، رفقاء له. وهكذا ابتكر لاحقاً شخصيات أدبية ونفسية مستعارة كتبَ بلسانها، أو جعلها تفكّر نيابة عنه، تنطق بما يريد، تعبيراً عن حالة التمزّق والاغتراب والتعدّدية الروحية والإبداعية. تُعد هذه الشخصيات "الآخرين" الذين ابتكرهم بيسوا نفسياً وإبداعياً، في حالة فريدة عابرة للكاتب نفسه زمانياً ومكانياً.
بيسوا في التراث العربي
كان استعمال الأسماء المستعارة شائعاً في التراث العربي أيضاً، بسبب عوامل سياسية أو اجتماعية أو دينية. ومن أشهر الأمثلة على ذلك: (الحطيئة) واسمه الحقيقي هو جرول بن أوس بن مالك أبو مليكة العبسي، (أبو نواس) واسمه الحسن بن هانئ، (المتنبي) واسمه الحقيقي أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي، وصولاً إلى الشاعر (أدونيس) واسمه علي أحمد سعيد.
متحف بيسوا: تحية لكاتب عالمي
يُعدّ متحف بيسوا تخليداً للكاتب البرتغالي العالمي، الذي تجاوز بلده وأدبه الوطني. قال عنه مواطنه صاحب رواية "العمى" خوسيه ساراماجو، الحائز على جائزة نوبل للأدب، بأنه "الكاتب الأبرز في التاريخ الأدبي للبرتغال".
تكريم المتحف
أشادت بعض الصحف البرتغالية بمتحف بيسوا، بمناسبة فوزه بجائزة أفضل متحف برتغالي عام 2021. وصفت الصحف "التجديدات في منزل بيسوا جعلته أكثر سهولة واستدامة". كما نوّهت الجمعية البرتغالية لعلم المتاحف، بجهود القائمين على إعادة تنظيمه بطريقة مبتكرة، ما أتاح للزوّار استكشاف عالم بيسوا بطريقة جديدة وأكثر تفاعلاً.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً