فلسطين في الغناء المصري
فلسطين في الغناء المصري
تاريخ طويل من الروابط الموسيقية بين مصر وفلسطين
في كتابه "الغناء وعبقرية الثقافة المصرية"، يسلط الباحث المصري الدكتور كمال مغيث الضوء على تأثير القضية الفلسطينية على الموسيقى المصرية. يشير الكتاب إلى الروابط التاريخية والجغرافيا التي جعلت فلسطين تحتل مكانة خاصة في الوجدان المصري. على مر العصور، عبرت حدود فلسطين إلى مصر العديد من الحضارات والثقافات، سواء كانت إيجابية أو سلبية. من فلسطين، جاءت إلى مصر بعض الحضارات مثل الهكسوس والحيثيون، كما غزاها الفرس والآشوريون. وفي العصور الوسطى، عبرت فلسطين أيضًا الصليبيون والتتار وجيوش القرامطة.
ولكن، في المقابل، حملت فلسطين أيضًا العديد من الرموز الدينية والتاريخية المهمة بالنسبة لمصر. من فلسطين، جاء سيدنا إبراهيم من أور العراقية، وعبرها حملت قافلة التجار الصبي سيدنا يوسف، بعد أن عثرت عليه وحيداً في غيابات الجب. كما دخلت العائلة المقدسة مصر عن طريق حدودها الشرقية مع فلسطين.
وفي العصر الحديث، كانت فلسطين ملاذًا سياحيًا شهيرًا للأرستقراطيين المصريين، خاصةً بعد إنشاء قطار فاخر ينطلق من القاهرة إلى القدس ويافا ثم بيروت. لا تزال المشاهد السينمائية المصرية التي تصور رحلات المصريين إلى فلسطين عبر القطار، مثل فيلم "لعبة الست" الذي يظهر فيه نجيب الريحاني وأسرة تحية كاريوكا وهم في طريقهم إلى بيروت بالقطار من محطة رمسيس، عالقة في أذهان الكثيرين. خلال النصف الأول من القرن العشرين، غنى العديد من المطربين والمطربات المصريين في مسارح القدس ويافا، ويقال إن أم كلثوم نالت لقب "كوكب الشرق" بعد غنائها في مسرح "الشرق" بيافا.
مصر وفلسطين: روابط وثيقة
تؤكد العديد من العائلات المصرية ذات الأصول الفلسطينية على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، مثل عائلات القدسي والمقدسي والناصري واليافاوي وعكاوي والرملي والنابلسي والطبري والسبعاوي والخليلي والصفدي والغزاوي وغيرها.
الغناء المصري ودعم القضية الفلسطينية
بدأت الأغاني التي تعبر عن تضامن مصر مع فلسطين في الظهور بعد حرب 1948. غنى محمد عبد الوهاب، من ألحانه، وتأليف الشاعر علي محمود طه، قصيدة "فلسطين". كما غنى عبد الوهاب من ألحانه، وكلمات الشاعر محمود حسن إسماعيل نشيد "لحن النار". غنت ليلى مراد من كلمات فتحي قورة، ولحن منير مراد أغنية "يا رايح على صحراء سينا". غنت سعاد محمد للجنود العرب المتجهين إلى فلسطين لقتال الصهاينة سنة 1948 أغنية "يا مجاهد في سبيل الله".
بعد ثورة يوليو 1952، تعززت الأغاني الوطنية التي تدعم القضية الفلسطينية. غنت سهام رفقي، وهي مطربة سورية، من كلمات وألحان عبد الغني الشيخ أغنية "يا فلسطين جينالك كلنا رجالك".
بعد العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، وتضامن الشعوب العربية مع مصر، تعزز الاتجاه القومي العروبي، وأصبحت قضية فلسطين أكثر حضورًا في كثير من الأغاني الوطنية. غنى عبد الحليم حافظ في أوبريت "وطني حبيبي الوطن الأكبر"، كلمات أحمد شفيق كامل، ولحن محمد عبد الوهاب، المقطع الأخير.
الأغاني التي تعبر عن دعم القضية الفلسطينية
في أوبريت "صوت الجماهير"، تأليف حسين السيد، ولحن محمد عبد الوهاب، غنت فايدة كامل أغنية "باسم اتحادنا قوم يا كفاحنا". غنى فريد الأطرش أغنية "يا فلسطين يا شعب مجاهد". غنت نجاة الصغيرة أغنية "جي يا فلسطين". غنى عبد الحليم حافظ أغنية "يا أهلاً بالمعارك".
المقاومة الفلسطينية في الغناء المصري
في منتصف الستينات، أعلن قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح الكفاح المسلّح مطروحاً بقوة لتحرير فلسطين. ظهرت العديد من الأغاني التي تتناول القضية الفلسطينية، واستخدمت كلمات مثل "فدائي" و"السلاح" و"البنادق" و"الحرب". غنت أم كلثوم أغاني مثل "راجعين بقوة السلاح" و"أصبح عندي الآن بندقية" و"إنا فدائيون". من الأجيال الجديدة، غنى علي الحجار أغنية "فلسطيني".
خاتمة
تُظهر الأغاني المصرية مدى تعاطف مصر مع القضية الفلسطينية ودعمها للشعب الفلسطيني. من خلال الموسيقى، تُجسّد مصر تاريخًا طويلًا من التضامن مع فلسطين.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً