قصة قصيرة جداً: المتجولة
المتجولة
في أودفالا، مدينة ساحلية على ضفاف خليج بحر الشمال الأوروبي، تظهر شخصية غامضة تثير فضول الكثيرين. إنها امرأة شقراء، في الثلاثينيات من عمرها، تعبر شوارع المدينة بعربة طفل فارغة.
تجولها اليومي ليس عشوائياً، بل يُظهر هدفًا محددًا. تذرع زوايا المدينة، تجوبها بدقة، عينها تبحث عن شيء ما.
في حديقة المدينة، يرتفع صوتها أحيانًا بهمسات مكتومة، أحيانًا بتصريحات غاضبة، ثم تهتدئ فجأة كأنها وجدت ما تبحث عنه.
الناس هنا يسمونها "المتجولة" أو "أم العربة".
منذ أن حلت في أودفالا، أصبحت "المتجولة" جزءًا من مشهد المدينة اليومي.
لكنها لا تُشكل مجرد مشهد، بل تشكل لغزًا محيرًا.
ماذا تبحث عنها؟ من هو الطفل الغائب من العربة؟
الأسئلة كثيرة، والغموض يكتنفها.
الظاهر أنها تحاول إيجاد شيء مفقود، شيء يربطها بالماضي، شيء يعيدها إلى حياة سابقة.
في كل مرة أراها، أشعر بألم غامض.
ألمًا عاطفيًا، ألمًا بالغربة، ألمًا بالحياة نفسها.
ألمًا بطفولة مفقودة، بأمومة مُشوهة، بحياة لم تكتمل.
ألمًا بالوجود ذاته.
"المتجولة" ليست سوى مثال على وجود غامض، حياة غير مفهومة، قصة لم تكتمل.
هي رحلة بحثٍ لا نهاية لها، رحلة عبر الشوارع والزوايا، رحلة عبر الزمن والحنين.
كلما رأيتها أجد نفسي أفكر في تلك الرحلة، في تلك العربة الفارغة، في ذلك الطفل الغائب.
أفكر في كل ما هو مفقود، كل ما هو غامض، كل ما هو مجهول.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً