لبناني يرفض مغادرة الجنوب لمساعدة الحيوانات: أشعر بالسعادة عند إطعامها
لبناني يُصرّ على البقاء في الجنوب لإنقاذ الحيوانات: "أشعر بالسعادة عندما أطعمها"
في خضمّ الحرب التي تُدمّر الجنوب اللبناني منذ أكثر من عام، يرفض حسين حمزة، المواطن اللبناني، ترك مسقط رأسه في الجنوب. يرى حسين أن مسؤوليته تقع على عاتقه لرعاية الحيوانات التي تُركت لمصيرها بعد هروب أصحابها بحثًا عن ملاذ آمن. يجد حسين السعادة في تقديم الطعام والمياه للحيوانات، حيث يبحث عنها بنفسه في شوارع الجنوب. يقوم بهذه المهمة الإنسانية رغم القصف المستمر والمراقبة الإسرائيلية من خلال طائرات الاستطلاع. لقد نجا حسين من الموت عدة مرات، آخرها قبل أيام عندما قصفت منزله، مما أجبره على الانتقال للعيش عند شقيقه. مع ذلك، يصرّ حسين على البقاء في بلدته زفتا في قضاء النبطية.
مأوى للكلاب ورسالة إنسانية
يمتلك حسين مأوى للكلاب يضم 200 كلب. يقول: "لا يمكنني تركها والذهاب، لكنّني تركت لها الباب مفتوحًا كي تستطيع الخروج إذا فارقتُ الحياة أو اضطررتُ إلى الهرب. لقد وضعت لها كمية كبيرة من الماء". لكن مسؤولية حسين ازدادت بعد تصعيد القصف الإسرائيلي على الجنوب، حيث غادر العديد من أصحاب الحيوانات منازلهم تاركين وراءهم حيواناتهم في القرى الجنوبية. أصبح حسين مسؤولاً عن جميع الحيوانات الموجودة في قريته والقرى المجاورة، بما في ذلك تلك التي تجوب الشوارع.
التحديات والحلول
في بداية الحرب، كان حسين يهتم بحيواناته وحيوانات قريته فقط. لكن مع بدء التصعيد ونزوح سكان الجنوب، بدأ أصحاب الحيوانات التي تركوها في القرى المحيطة بقريته بالتواصل معه طلبًا للمساعدة. يتلقى حسين طلبات لمساعدة جميع أنواع الحيوانات، بما في ذلك الكلاب، والأحصنة، والقطط، والدجاج، والبقر وغيرها.
يُوضح حسين دوافعه قائلاً: "لا يمكنني وصف السعادة التي أشعر بها عندما ينظر إليّ الحيوان بعد أن أقدم له الماء والطعام، كأنه يقول لي شكراً بعينيه. هذا الشعور يمنحني القوة ويزيل الخوف من قلبي، ويزيدني إصراراً على البقاء رغم كل ما يحصل".
روتين يومي محفوف بالمخاطر
يبدأ حسين يومه بتوزيع الطعام على القطط والطيور في محيط منزله، ثم ينتقل إلى المزارع والحيوانات التي يعرفها والتي تركها أصحابها بعد نزوحهم. يضع حسين المياه والطعام في الطرقات، وخاصة عند نقاط النفايات، "حيث تبحث الحيوانات، لا سيما القطط والكلاب، عن الطعام". يقوم بمعالجة الحيوانات التي تُصاب بإصابات خفيفة نتيجة القصف، بينما يحاول نقل الحيوانات التي تحتاج إلى رعاية أكبر إلى جمعيات مختصة.
التعاون والتحديات
واجه حسين تحديات في تأمين الطعام للحيوانات في ظل القصف المتواصل وصعوبة الوصول إلى الأماكن الخطرة. يعمل مع اثنين من العاملين معه، "أخويّ" كما يُسمّيهما، من الجنسية السورية والمصرية. يقول حسين: "قبل الحرب كنت أحضر لكلابي الطعام من مسلخ الدجاج، أما اليوم فأعتمد على المساعدات التي يقدمها لي عدد من الأشخاص يؤمنون بما أقوم به. أطلب ممن يريد المساعدة أن يشتري لي طعاماً للحيوانات ويرسله، لا أقبل الأموال باستثناء تلك التي أحتاج إليها لتأمين المحروقات لتنقلاتي بالسيارة وأدفع رواتب للشابين اللذين يعملان معي".
يؤكد حسين أن هناك العديد من الأشخاص الذين يقدمون له المساعدة، مما يُمكنه من تأمين حوالي 200 كيلوغرام من الطعام أسبوعيًا. يرفض حسين بيع الحيوانات التي تُسلم له، ويقول: "التبني ممكن، لكن بشرط ألا يكون للتجارة أو لصيد الطيور. أعطي الجمعيات الموثوق بها والشبان والشابات الذين أعرفهم جيدًا".
رسالة إنسانية قوية
يتنقل حسين بين القرى تحت مراقبة طائرات الاستطلاع والحربية الإسرائيلية. يقول حسين ضاحكًا: "أضع طعام الحيوانات على السيارة وصورة الكلب عليها، وبالتأكيد بات الإسرائيليون يعرفونني جيداً ويعرفون أنني أطعم الحيوانات. لكنّني نجوت مرات عديدة من الموت، آخرها عند استهداف منزلي".
رغم أن القصف الإسرائيلي لم يُبقِ لا البشر ولا الحجر، فإن حسين يتمنى على السائقين في الجنوب الانتباه للحيوانات الشاردة في الطرقات. يقول حسين: "كل يوم أرى عشرات القطط والكلاب التي صدمتها السيارات على الطرقات. فهي إن لم تمت من القصف ستموت بسبب السيارات المسرعة".
يُجيب حسين على من يصفونه بـ"الأهبل" قائلاً: "ثقافة الرحمة غير موجودة عند كثير من الناس الذين يستخفون بحياة الحيوانات وأرواحهم. لكنّ بالنسبة إليّ، دعوات الناس التي تعرف قيمة ما أقوم به وحب الحيوانات لي هما ما يمنحانني القوة للاستمرار".
رسالة مُلهمة
تُظهر قصة حسين حمزة قوة الإنسان وقدرته على التضحية من أجل الآخرين، حتى في أصعب الظروف. إنّ رحمة حسين وحبه للحيوانات هي مصدر إلهام للعديد من الأشخاص، وتُذكّرنا بأهمية احترام الحياة بكل أشكالها.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً