لماذا تريد تركيا الانضمام إلى التحالف الاقتصادي الذي تقوده روسيا والصين؟
تركيا ونادي بريكس: هل ستصبح أنقرة عضواً في التحالف الاقتصادي غير الغربي؟
أعلنت تركيا مؤخراً رغبتها في الانضمام إلى مجموعة بريكس، وهي مجموعة اقتصادية تضمّ روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا. وقد أكّد عمر جيليك، الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، على هذه الرغبة، مشيراً إلى أنّ تركيا ترغب بالمشاركة في جميع المنصات المهمة، بما في ذلك بريكس.
لم يتم التأكيد رسمياً على تقديم تركيا طلباً للانضمام إلى بريكس، لكنّ جيليك أشار إلى وجود عمل جارٍ في هذا الصدد. من المفترض أنّ يتمّ مناقشة مسألة ضمّ أعضاء جدد إلى مجموعة بريكس خلال اجتماعها المقبل في مدينة قازان في روسيا، والذي سيعقد في الفترة ما بين 22 و24 أكتوبر/تشرين الأول.
وتُعتبر تركيا، في حال انضمامها إلى بريكس، أول دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تُصبح عضواً في تحالف اقتصادي غير غربي تقوده روسيا والصين. ويعتقد الباحث السياسي كريم هاس، المتخصص في العلاقات التركية الروسية، أنّ هذا الحدث سيكون ذا أهمية رمزية كبيرة، ليس لتركيا ومجموعة بريكس فقط، بل لحلف الناتو وللكتلة الغربية أيضاً.
تواجه تركيا أزمة اقتصادية طاحنة، وتُشير الأرقام إلى أنّ الاقتصاد التركي يعتمد بشكل كبير على الاستثمار الأجنبي. يُعدّ الاتحاد الأوروبي أكبر شركاء تركيا التجاريين، حيث تُشكل تجارة تركيا مع دول الاتحاد الأوروبي نحو 31.8 في المئة من حجم التجارة التركية. لذلك، تُغضّ الدول الأوروبية الطرف عن عدم مشاركة تركيا في العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا، حسبما يرى كريم هاس.
ويُعتبر انضمام تركيا إلى بريكس بمثابة توازُن جيوسياسي، في ظلّ التوترات المتزايدة بين الغرب وروسيا. وتهدف تركيا إلى تنويع علاقاتها الاقتصادية، خاصة في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها. كما أنّ انضمامها إلى بريكس يُمكن أن يقلّل من النغمة المناهضة للغرب في هذا التحالف الاقتصادي.
دوافع تركيا للانضمام إلى بريكس
هناك العديد من الدوافع التي تُشجع تركيا على الانضمام إلى بريكس، من أهمها:
- التغلب على الأزمة الاقتصادية: تُعاني تركيا من أزمة اقتصادية طاحنة، وتُشير الأرقام إلى أنّ الاقتصاد التركي يعتمد بشكل كبير على الاستثمار الأجنبي. لذلك، تسعى تركيا إلى تنويع علاقاتها الاقتصادية، خاصة في ظلّ التوترات المتزايدة بين الغرب وروسيا.
- التوازن الجيوسياسي: تسعى تركيا إلى تحسين علاقاتها مع الشرق والغرب على السواء، وتُعتبر انضمامها إلى بريكس بمثابة توازُن جيوسياسي، في ظلّ التوترات المتزايدة بين الغرب وروسيا.
- خفض النغمة المناهضة للغرب: يُمكن أن يقلّل انضمام تركيا إلى بريكس من النغمة المناهضة للغرب في هذا التحالف الاقتصادي.
تُشير الأرقام إلى أنّ حجم التجارة بين تركيا وروسيا بلغ حوالي 11 في المئة من إجمالي التجارة التركية في عام 2022، بينما بلغ حجم التجارة مع الصين 7.2 في المئة. يُعتقد أنّ عضوية تركيا في بريكس ستحظى بدعم قوي من روسيا، حيث تسعى موسكو إلى الحفاظ على اقتصادها مستقراً في ظلّ الحرب في أوكرانيا.
هل ينعكس انضمام تركيا إلى بريكس إيجابياً على اقتصادها؟
من الممكن أن ينعكس انضمام تركيا إلى بريكس إيجابياً على اقتصادها كعنصر استقرار. لكنّ بعض الخبراء يعتقدون أنّ الدافع التركي للاتصال ببريكس هو أكثر ميلاً إلى السياسة، على نحو يوضح الاستراتيجية الشمولية التي ينتهجها أردوغان على صعيد السياسة الخارجية.
تُعدّ الأزمة الاقتصادية الطاحنة في تركيا واعتمادها على الاستثمار الأجنبي أحد الأسباب الرئيسية وراء سعي أنقرة لعمل توازُن جيوسياسي. وتُشير الأرقام إلى أنّ الاقتصاد التركي يحتلّ المرتبة الـ 17 على مستوى العالم، وفقاً لإحصاءات صندوق النقد الدولي في عام 2023. لكنّ مؤشر أسعار المستهلك في تركيا سجّل 71.6 في المئة، بعد زيمبابوي والأرجنتين والسودان وفنزويلا، وفقاً لصندوق النقد الدولي.
ويُنظر إلى تكلفة المعيشة باعتبارها الهمّ الرئيسي للأتراك، وفقاً لكافة استطلاعات الرأي الحديثة. ويُواصل الرئيس أردوغان ضغوطه على البنك المركزي التركي للإبقاء على تكلفة الاقتراض منخفضة.
يُذكر أنّ الكثير من الخبراء يشكّكون في قدرة تركيا على التغلب على أزمتها الاقتصادية. فقد شهدت الليرة التركية انخفاضاً ملموساً في قيمتها، رغم ارتفاع معدلات الفائدة من 8 إلى 50 في المئة، وفقاً للباحث أميد أكاي، الباحث بكلية برلين للاقتصاد والقانون.
يبقى مستقبل الاقتصاد التركي غامضاً، لكنّ بعض الخبراء يُرجّحون أنّ تشهد معدلات التضخم تراجعاً في الأشهر المقبلة. لكنّ هذا التراجع في معدلات التضخم لا يعني بالضرورة انتهاء أزمة تكلفة المعيشة.
يبقى سعي تركيا إلى الانضمام إلى بريكس موضوعاً مثيراً للجدل. يُمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية على اقتصادها، لكنّه يُمكن أن يكون أيضاً انعكاساً للاستراتيجية السياسية الشاملة التي ينتهجها الرئيس أردوغان.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً