لماذا يحرص الزعماء الأفارقة على إحاطة حالتهم الصحية بالسرية؟
لماذا تحاط صحة الزعماء الأفارقة بالسرية؟
غموض وقلق
انتشرت مؤخرًا شائعات عن مرض بعض الزعماء الأفارقة، مما أثار تساؤلات حول كيفية التعامل مع صحة هؤلاء الزعماء. غالبًا ما تُعامل صحة الزعماء باعتبارها سرا من أسرار الدولة، مع إخفاء المعلومات عن الجمهور. فمثلاً، أُصيب الرئيس الكاميروني بول بيا بالمرض، لكن نُفيت المعلومات عن حالته الصحية، وأُمنع الإعلام من التحدث عنها. كذلك، نفى القصر الرئاسي في مالاوي شائعات مرض الرئيس لازاروس تشاكويرا، وُزّعت مقاطع فيديو تظهره وهو يمارس الرياضة، الأمر الذي يُثير المزيد من الشكوك.
السلطة والذكورية
يُعزّز هذا السلوك الثقافة السياسية في أفريقيا، حيث يُنظر للزعيم باعتباره رمزًا للقوة والصلابة. يرى مايلز تيندي، أستاذ في السياسة الأفريقية، أن "التأثير على الساحة السياسية يتطلب صورة معينة للرجل، صورة تفرض سيطرتها على الآخرين. لا يُمكن إظهار الضعف أو الهشاشة، فذلك يُهدد مكانة الزعيم." ويُعزّز هذه النظرة الثقافة الذكورية التي تُهيمن على السياسة الأفريقية.
تأثير صحة الزعيم على الدولة
تُدرك حكومات أفريقيا تأثير صحة الزعيم على الدولة. ففي حال مرضه أو وفاته، يمكن أن تُؤثر هذه الأحداث على الاقتصاد والأسواق السياسية. يُؤكّد أديباجو، أستاذ في جامعة جوهانسبرغ، على أن "الزعماء يُعطون الانطباع بأن صحة بلدانهم مرتبطة بصحتهم الشخصية." وُيزداد هذا القلق في الدول التي تتمتع بمؤسسات سياسية ضعيفة، حيث قد تُؤدي أي فجوة في القيادة إلى صراعات على السلطة. ففي جمهورية الكونغو الديمقراطية، اختفى الرئيس لوران ديزيريه كابيلا، وُزّعت شائعات عن وفاته، لكن أُخفيت المعلومات عن الجمهور لفترة طويلة. وكذلك، في مالاوي، أُخفيت وفاة الرئيس بينغو وا موثاريكا لفترة من الوقت.
دعوات للشفافية
في سياق هذه الأحداث، تُثار دعوات للشفافية بشأن صحة الزعماء. يُؤكد العديد من الخبراء على ضرورة إطلاع المواطنين على صحة قادتهم، خاصة في ظل انتشار الشباب في أفريقيا. يُؤكّد أبيكو آدامز، مزارع ومعلم نيجيري، على أهمية هذه الشفافية، قائلًا "إن الحكومات مدينة لمواطنيها بمشاركة مثل هذه المعلومات." ويُشير إلى أن المواطنين يدفعون الضرائب، لذا يحق لهم معرفة صحة قادتهم.
استثناءات نادرة
على الرغم من هذه الحالات، توجد بعض الاستثناءات. فمثلاً، كشف الرئيس النيجيري محمد بخاري عن مرضه بعد إجازة طبية، وأعلن الرئيس الكاميروني الأسبق أحمدو أهيدجو استقالته بسبب المرض. لكن هذه الحالات نادرة. غالبًا ما يُخفي الزعماء معلومات عن صحتهم، خوفًا من استغلالها من قبل المنافسين السياسيين أو القوى الأجنبية. ففي زائير، أدت شائعات عن مرض الرئيس موبوتو سيسي سيكو إلى تسهيل انقلاب لوران كابيلا عليه.
التوازن بين السرية والثقافة
تُعتبر السرية بشأن صحة الزعماء قضية معقدة، فقد تُعتبر جانبًا ثقافيًا في بعض المجتمعات، كما يمكن أن تُؤثر على استقرار الدولة. ففي ظل نظام سياسي تنافسي، يُصبح من الضروري إيجاد توازن بين حق المواطن في معرفة صحة قادةهم وحقهم في الحفاظ على سرية المعلومات الشخصية. ففي نهاية المطاف، يُمكن أن يكون للشفافية دورًا هامًا في تعزيز الثقة بين الشعب والحكومة، وذلك من خلال خلق بيئة سياسية أكثر شفافية وعدلاً.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً