مسجد «الخور» بمسقط .. التاريخ القديم والمدرسة النظامية
مسجد "الخور" بمسقط: مزيج من التاريخ القديم والمدرسة النظامية
مسجد "الخور" أو "مسجد الشهداء" كما يُعرف، يقف شامخاً في مسقط، حاملاً بين طياته تاريخاً غنيًا يعود إلى زمن بعيد. يقع المسجد على شاطئ البحر، في مكان كان يُعرف باسم "خور"، حيث كان مرفأً للسفن في الماضي. لكنّ ما يجعل هذا المسجد مميزًا هو دوره كمركز تعليمي، حيث استضاف مدرسة نظامية لعدة عقود.
تاريخ المسجد ونشأة المدرسة النظامية
وفقًا للروايات، تم بناء مسجد "الخور" في الموقع نفسه الذي أقيمت فيه صلاة الجنازة على شهداء معركة تحرير مسقط من البرتغاليين. يعتقد بعض المؤرخين أن المسجد بُني على أنقاض مسجدٍ قديم دمره البوكيرك، قائد الحملة البرتغالية، عام 1507م. ثمّ تمّ إعادة بنائه بعد طرد البرتغاليين من مسقط عام 1650م، وأُطلق عليه اسم "مسجد الشهداء".
مع مرور الوقت، تحول مسجد "الخور" إلى مركز تعليمي هام. استقطب علماء من مختلف أنحاء عمان، الذين ساهموا في إثراء الحياة العلمية في العاصمة. في عام 1936م، أصبح مسجد "الخور" مدرسة نظامية رسمية تحت إشراف الحكومة. تم تعيين معلمين متخصصين لتعليم الطلاب علوم العربية والشريعة الإسلامية، بما في ذلك النحو، الفقه، العقيدة، شرح الحديث النبوي، وقراءة كتب التفسير.
دور مسجد "الخور" في تشكيل جيل من العلماء
استمرت مدرسة مسجد "الخور" في تقديم التعليم الديني لمدة عقود، وخريجوها أصبحوا معلمين، أئمة مساجد، قضاة، وغيرها من المناصب الدينية المرموقة. من بين أشهر المعلمين الذين عملوا في مسجد "الخور": الشيخ محمد بن أحمد الكندي، الشيخ سعيد بن ناصر الكندي، الشيخ سليمان بن محمد الزدجالي، الشيخ حمد بن عبيد السليمي، والشيخ أحمد الخليلي.
درس في مسجد "الخور" مجموعة من الطلاب، من بينهم الشاعر هلال بن سالم السيابي، الذي وصف منهج الدراسة خلال فترة تعليمه في المسجد. كانت المناهج الدراسية تركز على كتب الشيخ نورالدين السالمي، مثل "جوهر النظام"، "بهجة الأنوار"، "شرح طلعة الشمس"، "شرح مسند الإمام الربيع بن حبيب"، و"تلقين الصبيان" مع "ملحة الإعراب" في علم النحو.
إغلاق المدرسة وإرثها
في عام 1973 - 1974م، تم إغلاق مدرسة مسجد "الخور" بسبب إعادة بناء المسجد. وقد أثر إغلاق المدرسة بشكل كبير على جيل من الطلاب، حيث انتشرت العلوم في عمان من خلالها. على الرغم من إغلاق المدرسة النظامية، إلا أن مسجد "الخور" ما زال محافظًا على مكانته الدينية والثقافية في مسقط.
وحتى اليوم، يُذكر مسجد "الخور" كرمز لتاريخ التعليم الديني في عمان. يُعد مدرسة "الخور" واحدة من أبرز العلامات المميزة في تاريخ التعليم الديني في السلطنة، وهي تُعتبر جزءًا هامًا من إرث عمان الثقافي.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً