مصطفى حجازي.. عالم النفس الذي فكك هدر الإنسان العربي وقهرِه

مصطفى حجازي: عالم النفس الذي فكك هدر الإنسان العربي وقهرِه

مصطفى حجازي: عالم النفس الذي كرس حياته لفهم الإنسان العربي

رحل عالم النفس اللبناني الدكتور مصطفى حجازي عن عالمنا في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن عمر يناهز 88 عامًا. ترك وراءه إرثًا غنيًا من الدراسات والبحوث التي تناولت القضايا الكبرى في المجتمعات العربية، مثل الاستبداد والقهر والهدر والبطالة. ركزت أعماله على فهم سيكولوجية الإنسان العربي وديناميات سلوكه في سياق التحديات التي تواجهه.

مولد ومسار أكاديمي حافل

ولد مصطفى حجازي في مدينة صيدا عام 1936. حصل على إجازة في علم النفس من جامعة عين شمس المصرية عام 1960، ثم سافر إلى بريطانيا لدراسة رعاية الطفولة. حصل لاحقًا على دبلوم علم الجريمة العيادي من جامعة ليون الفرنسية عام 1965، ثم على الدكتوراه في علم النفس من نفس الجامعة عام 1967. عمل أستاذًا لعلم النفس في الجامعة اللبنانية منذ عام 1983، وأستاذًا للصحة الذهنية في جامعة البحرين بين عامي 1990 و2006. وأثرى المكتبة العربية بمجموعة من الكتب التي تناولت قضايا مهمة في مجال علم النفس، مثل "ثقافة الطفل العربي بين التغريب والأصالة" (1993) و"المسؤولية المدنية للخبير القضائي" (1998) و"علم النفس والعولمة" (2001).

فكك هدر الإنسان العربي

أحد أبرز إنجازات مصطفى حجازي كان كتابه "التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور" (1981). درس فيه التكوين النفسي للإنسان العربي في ظل ظروف القهر والتهميش، وكيفية مواجهته لواقعه المأزوم. كما حلل الأساليب الدفاعية التي يلجأ إليها الإنسان المقهور، مثل التمسك بالتقاليد والرجوع إلى الماضي المجيد أو اللجوء إلى العنف.

وفي كتابه "الإنسان المهدور" (2006) أضاف حجازي بعدًا آخر لفهم سيكولوجية الإنسان العربي. ناقش دور الاستبداد في خلق حالة من "الهدر" والتلاعب والإخضاع، وكيفية تحول الإنسان إلى أداة أو عبء في ظل أنظمة تحكم لا تراعي حقوقه أو قيمته الإنسانية.

مُلهم للأجيال القادمة

ترك مصطفى حجازي إرثًا فكريًا غنيًا وفهمًا عميقًا لسيكولوجية الإنسان العربي. أعماله تشكل نقطة انطلاق لفهم واقعنا العربي المعقد وتحدياته. ستظل مساهماته منارةً تُضيء طريق البحث والتفكير للأجيال القادمة من الباحثين والمثقفين العرب.