25 تشرين الأول 2024 12:00ص الحاج محمود
الحاج محمود وعهد الزهور: قصة ولاء وإخلاص
في ربوع قرية جنوبية، قريبة من حدود فلسطين، ولد الحاج محمود، وعاش طفولته وشبابه. تزوج وعاش مع زوجته في منزل قديم ورثه عن والده. كانا زوجين سعيدين، متناغمين كعصفوري حب، تمرُّ الحياة عليهما مرور النسيم، معيشتهما من أشجار مثمرة وأرض خصبة.
لم يرزقهما الله بأطفال، لكن الحب المتبادل بينهما ملأ حياتهما. قاما بفريضة الحج وعاشا حياة بسيطة، هادئة، مليئة بالحب والتقدير. كانت الحاجة تُزين بيتهم بأزهار جميلة ترعاها بعناية كل صباح، وكأنها تُربيّ أطفالاً.
لكن الحياة لا تسير دائماً كما نشتهي، فقد مرضت الحاجة ورحلت عن عالمنا. أصبح الحاج محمود وحيداً، يُشاهد نفسه وهو يسقي الأزهار، ويتذكر أيام شبابه، ويُعزف على الناي القديم. مرّت السنوات، والقرية سكنت في هدوء، حتى حلّت نيران الحرب.
أصبحت القرية عرضة للقصف، وحُرقت الأرض، وبات البقاء فيها خطرًا محدقًا. هرب معظم السكان إلى العاصمة، واختار الحاج محمود البقاء في بيته، رافضًا الانضمام إلى جحافل النازحين. أقنعه الشيخ حسن بالنزوح إلى بيروت، تذكيره بالآية الكريمة (ولا ترموا بأيديكم إلى التهلكة).
في مركز الإيواء، أصبح الحاج محمود منزويًا، لا يشارك في الأحاديث أو الاجتماعات، ويرفض تناول الطعام.عندما سُئل عن سبب إصراره على العودة إلى القرية، قال: "أنا مُلزم بالوفاء بوعدي للحاجة."
فأخبر الشيخ حسن أن الحاجة أوصته بالاهتمام بأحواض الزهور قبل رحيلها.اعتبر الحاج محمود أن هذه الوصية مُقدّسة لا يُمكن له أن يتجاهلها.فأصرّ على العودة إلى القرية للعناية بالزهور، ليُوفي بوعده للأبد.
وهكذا اختار الحاج محمود أن يُبقي على عهد الحب والولاء، حتى في أصعب الظروف، وأن يُوفي بوعده لزوجته الراحلة.وهذه هي قصة الحاج محمود، قصة ولاء وإخلاص للأبد.
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً