25 تشرين الأول 2024 12:00ص نبض الصمت
نبض الصمت: قصص من بين الركام
تُغلف الصمت صرخات الركام، ويُخفي الغبارُ ذكريات الماضي المُتلاشي. فبينَ كلّ مشهدٍ نراه يوميًا، نُصادفُ أحلامًا مُتكسّرة وأرواحًا غادرة. تَتَحوّلُ المبانيُ التي حملت يومًا ما ذكريات ودفئًا، إلى أنقاضٍ خامدةٍ.
يَتَساقطُ الغبارُ كستارٍ رماديٍ يَغْطِي كلّ لونٍ وحياةٍ. فَتَتَناثرُ ألعابُ الأطفال تحت الركام، كُرةُ قدمٍ بلا صاحب، ودُميةٌ مَبتورةُ الأطراف تَراقِبُ الصمتَ بعينٍ زجاجيةٍ. دُميةٌ تَتَذكّرُ أيامًا كانت تُحَدِّثها عن أحلامها، ويَتَلاشىَ صوتهَا معَ دمارِ العالمِ المُحيطِ بها.
يَمُرُّ شابٌّ بِدراجته النارية بينَ الأنقاض، فَتُراقِبهُ الناسُ وتَطلبُ منهُ تَصويرَ زاويةٍ تُدلّ على منازلهم. تلكَ الزواياُ التي احتضنت شبابَ المنطقةِ، والتي لطالما عكستِ ذكرياتهم. يُراقِبُ الجميعُ، عيونهم تسألُ قبلَ ألسنتهم: أينَ بيوتنا؟ أينَ صورُ عائلاتنا؟
فَتَتَساقَطُ الأسئلةُ حولَ أسماءِ الشوارعِ والمَحالِ والأماكنِ. وَتَقولُ امرأةٌ بصوتٍ خافتٍ كأنّها تُخشي أن تُخدشَ الصمتَ الرهيبَ: "هل يمكنكَ أن تُصوّرَ ليَ المَقابر؟ أريدُ أن أرى قبرَ أمي... أريدُ أن أتَحدّثَ إليها، ربما تسمعني".
يَبدو كلّ شيءٍ مُعلّقًا بينَ الماضيِ والحاضرِ، بينَ الحياةِ والموت. الأرضُ تُنبِضُ بِألمٍ لا يُرى، وَتَهمسُ الجدرانُ التي كانت تَروي قصصًا بِأصواتِ الرحيل.
هناء بلال
تم نشر هذا المقال بواسطة تطبيق عاجل
التطبيق الأول لمتابعة الأخبار العاجلة في العالم العربي
اضغط لتحميل التطبيق الآن مجاناً